رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إبداعهم أن تعيش الموت قبل الحياة


هكذا قضوا على حلم الطفولة، وأجمل سنوات الحياة، أن تكون طفلًا تلعب وتمرح مع أقرانك، تذهب معهم لتمارس هوايتك، ولكن لا...سنأخذكم إلى حياة الآخرة، فيأخذونهم أطفالا بقلوب غضة خضراء نضرة؛ فينحتون على عقولهم حب الشهادة، ويغذونهم بقصص الغزوات، ولم يعمروا قلوبهم بإعمار الدنيا، واتخاذها مَعبَرًا للآخرة.


علموهم أن يكذبوا على آبائهم، وألا يخبرونهم بأمر انضمامهم إلى جماعتهم، وهكذا أول ما يتعلم الطفل الكذب على أقرب الناس إليه، فيصل بدون مباشرة إلى أن الوالدين ربما يكونان عدوين له إذا ما قرر واختار، فعزلوه عنهما، واستقطبوه إليهم، ليكون حطبًا لأفعالهم وأهدافهم.

ثم تمضي مرحلة الطفولة، وقد تيبس قلبه شيئًا ما، ومن ثم يزداد الضغط عليه؛ لينضم إلى أسرهم، فيحرمونه من معايشة جيله، بكل ما له وما عليه؛ حتى يصبح قراره يمين عقله، فيرى جيله وقد دخل الجامعة وخالط الشباب، ومارسوا الهوايات، وتشاركوا الرحلات والمعسكرات، أما هو فلا... لم يعد غضًا، واصفر قلبه الأخضر، وأصبح في انتظار أقرب ريح تعصف به حيث شاءت الجماعة، فيزوجونه على أهوائهم، ولابد من زوج على نفس عقيدته، لنقاء السلالة المدمرة، وما أن يرزق بمولود حتى يلقي به في غيابات الجب يلتقطه بعض الجماعة. مثل هذه العقول لا تبدع، بل تقاتل من يبدع، وأصبح هدفها الموت جهادًا في سبيل الجماعة.

أي فرحة ممزوجة بحسرة عندما شاهدنا الحفل الختامي لمسابقة (إبداع الشارقة الثقافية) بين شباب الجامعات والمعاهد على مستوى الجمهورية، وقد وقفت الفرق المشاركة في أبهى صورها بين مغنى وعازف، بين شباب يعيشون سنوات حياتهم التي لن يعوضهم عنها شيء، يتنافسون في مجالات مختلفة منها الشعر، القصة، التأليف المسرحي، المقال، الرواية، المراسل التليفزيوني، الأفلام، استاند أب كوميدي، الفنون الشعبية، الموسيقى والكورال، الإنشاد الديني، الكوميكس، والفنون التشكيلية.

أما هو فيعيش نفس المرحلة الزمنية وفي نفس الجامعة، ولكن بين صفوف الجماعة، يعيش يومه وهو يفكر ويدبر كيف يقتل جيشه؟ وكيف يغتال شرطته؟ وكيف يروع أمته؟ وكيف يصنع القنبلة؟ وكيف يتدرب على تفجيرها؟ وتصبح سعادته في رؤية دماء بني وطنه وزملاء الطفولة وهم أشلاء أمامه.

لقد أصبحت سعادته في عدد ما يحصده بتفجيراته، سعادته عندما ييتم أطفالًا، ويرمل زوجات، ويحرق قلوب أمهات وآباء، هل يستويان؟

ضاعت براءته، وهنئت جماعته. اتخذوا الشباب وقودًا لنار قلوبهم، وعاشوا هم بين منعمين في منفاهم، وحاقدين داخل سجونهم، يدفعون بهم، بعدما أبعدوا أبناءهم، وكأن هؤلاء الشباب المخدوعين خلقوا للموت لا للحياة.
Advertisements
الجريدة الرسمية