رئيس التحرير
عصام كامل

بين رجال الدين.. وأفلام الكارتون !


تلاسن بين رجال دين وعلماء في إنجلترا الفترة الماضية انتهى بأن صمت العلماء، واكتفوا بنشر الصحافة نتائج آخر أبحاثهم عن قصة الخلق وتطور الإنسان. طالب العلماء رجال الدين بإعادة النظر في تفسيراتهم للكتب المقدس. فرد أعضاء كنيسة كانتربرى مؤكدين أن الكتب المقدسة سماوية، بينما أبحاث العلماء "مدرسية".. والإلهى هو الأصل.


انتهى التلاسن بأن ترك العلماء الحكم للقراء.. وأولو الألباب.

توصل علماء اكسفورد إلى ما يؤكد نظرية تشارلز داروين في تفسير نشأة الإنسان على كوكب الأرض. قالوا إن الإنسان مر بمراحل تطور كثيرة، منذ خلقه، حتى وصوله إلى الصورة التي هو عليها الآن.هناك مرحلة انتقالية، تحول فيها من "كائن بشرى" إلى "كائن إنسانى" يفكر، ويتكلم، ويعيش في مجتمعات، ويعرف العيب والحرام.. ربما وقتها نزلت الأديان، وبدأ التكليف الإلهى.

وتوصلت دراسة حديثة نشرتها الإندبندنت البريطانية، إلى أماكن كهوف عاش فيها بشر المرحلة الأخيرة قبل الوصول إلى"الأنسنة" على مشارف العاصمة البلجيكية بروكسل. وسمى العلماء البشر قبل مرحلة الأنسنة بـ "النايندرتال".

الفرق بين النايندرتال وبين الإنسان، هو القدرة على التفكير المجرد.. والقدرة على الإبداع الفنى.. وفصل الواقع عن الخيال في عمليات عقلية منطقية. كلها عوامل افتقدها "النايندرتال".. لذلك انقرض كثيرا من ذلك الجنس، بينما تحول الباقى إلى "الصورة الإنسانية "نتيجة" طفرة جينية  ما.

داروين قال إن الطفرة الجينية هذه حلقة مفقودة، لا يعرف لها تفسير ولا سبب. وقبل سنوات، سماها الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه أبى ادم "وقت نفخة الروح "، فأعاد تفسير الآيات القرآنية التي تحكى قصة الخلق، ليقول أن "سيدنا آدم " لم يكن شخصًا.. إنما كان "جنس بشرى" في مرحلة ما قبل التحول إلى"الأنسنة ".

وقتها هاجت الدنيا، وصادرت السعودية، والكويت والبحرين الكتاب، لكن ظلت نظرياته طائرة.. حتى تلقفوا ما يشبهها في اكسفورد. حسب الدراسة الأخيرة، انقرض النايندرتال"، منذ 40 ألف سنة، بعد صراع استمر 20 ألف سنة مع الجنس الإنسانى الأكثر تطورا.

دلل الدكتور عبد الصبور شاهين على صحة نظريته بالآية الكريمة: "هو الذي خلقك فسواك فعدلك". والمعنى أن الكائن البشرى الأول مر بفترات زمنية، بين الخلق.. وبين السواء.
فمصطلح "الخلق"، في الآية، لا يشترط "السواء" العقلى والبدنى، وإلا لما عطف القرآن "الخلق" على "السواء". فالعرب لا يعطفون المتماثلات على بعضها !

قال الدكتور شاهين أيضا إن الله تعالى استخدم مصطلح "خلقنا آدم"، ولما جاءت لحظة "النفخ في الروح" قال تعالى:"إنى جاعل في الأرض خليفة". ما يعنى أن "الجعل" غير "الخلق".
فالخلق هو الإنشاء من عدم، لكن "الجعل" هو تحويل شىء موجود من صورة إلى صورة. لذلك يجوز أن يكون الكائن البشرى الأول "مخلوق"، أما الإنسان فهو "مجعول".. أي متحول.

هذا بالضبط ما قالته دراسة اكسفورد. فقد توصل الباحثون إلى أن المجموعة الباقية من جنس " النايندرتال" هي التي تحولت إلى "الأنسنة "، بعدها فكرت، وبنت المبانى، وأقامت السدود.. وأسست لحكم اجتماعى قبلى استمر حتى اليوم.

القضية كبيرة، وتفاصيلها كثيرة، لكن رجال الدين أخذوها باستخفاف.بعضهم شبهها بالقصص الخرافية وحكايات قبل النوم، البعض الآخر وصفها بتخاريف باحثين، مع أنه إن جيت للحق كثيرا من تفسيرات رجال الدين، لأمورًا عقائدية هي الأقرب لقصص الأطفال.. والأشبه بحبكات أفلام الكارتون !
Twitter:@wtoughan
wtoughan@hotmail.com

الجريدة الرسمية