رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

زوجة رجل مهم تشتكي !



المشكلة في مصر معروفة وحلها معروف أيضا ولكن الجميع يتجاهلونه، لن تجدى كافة البرامج الإعلامية الموجهة أو حتى غير الموجهة في إنهاء حالة العبث التي تسود مصر حاليا، حتى وإن خرج الرئيس يوميا يبشر الناس بقرب انصلاح الأحوال وتقدم الاقتصاد وعودة الأمن، لن يجدى ذلك لأن الواقع أقوى وأسوأ مما نتخيل جميعا... العدل مفتقد يا سادة، بل إنه مغيب وواهم من يعتقد أن الأمر يحتاج فقط لإصلاح تشريعى فقط، الأمر يحتاج لإرادة من المسئولين عن هذا الوطن لإقرار العدل ولا أعنى رئيس الجمهورية فقط بل الكثيرين ممن لديهم سلطة نافذة في البلاد، الأمر يحتاج لإصلاح شامل إن لم يتم وبسرعة ستسوء الأحوال المجتمعية والسياسة بدرجة أكبر بكثير مما كانت عليه قبيل ثورة يناير 2011... كيف ذلك !


في الأيام القليلة الماضية لاحظ الجميع وجود حملة صحفية على الداخلية تنتقد بعض العاملين بها وتنشر ملفات كان مسكوتا عنها والغريب أن الحملة بدأتها صحيفة معينة ثم تبعتها صحف أخرى تشجعت لانتقاد جهاز قوى كان سببا رئيسيا في قام ثورة يناير ومع ذلك تجاوز الشعب الطيب عن كل انتهاك أملا في عودة حميدة للشرطة بحيث تكون ملاذا آمنا لكل خائف وحماية حقيقية للمواطن من أية أخطار ولكن..عادت التجاوزات التي تسىء للكثير من الشرفاء في هذا الجهاز الذي يقدم شهداء يوميا للوطن ولكن للأسف لا يتعاطف معه الكثيرون بسبب تجاوز البعض وانتهاكه للقانون الموكل بتطبيقه وحمايته.. ولكن ما يدهش حقا هو شعور بعض ضباط الشرطة وأسرهم بالظلم والغبن وإنعدام العدل بل وسيادة المحسوبية أو ما يعرف عندنا بالواسطة أو الكوسة في مصر !

بالطبع قد تتخيل أن تلك الكلمة لا وجود لها في واقع العاملين بالشرطة وبخاصة الضباط ولكن حديث زوجة شهيد سيناء النقيب أحمد جمال، رحمه الله، كان صدمة لمن يعى حيث تحدثت صراحةً عن الظلم الذي تعرض له زوجها في عمله

حيث أوضحت أنه ( مالوش واسطة ومش حد مهم للوزير أو الرئيس ) هكذا صراحة أعربت أرملة أحد من يعتبرهم الشارع المصرى ( الكبار ) أو الباشوات تشتكى الظلم !!! وبحق كان حديثها مؤثرا ومحزنا وفي نفس الوقت مهما جدا لتدارك ما يمكن إصلاحه في مجتمع ودول الجميع يشتكى الظلم فيها، فمن يتمتع بالانصاف إذن !

بالطبع لن نتحدث عن أسرار تمس الداخلية أو أي جهاز أمني فهذا غير مسموح به وغير مستحب ولكن.. الجميع يتحدث عن الظلم وعدم المساواة في الوقت الذي نجد كثيرين يصرخون من انتهاكات وظلم أفراد آخرين من نفس الجهاز تجاه المواطنين المدنيين أو بشكل أصدق توصيفا ( العاديين) الذين لا يملكون جاها أو نفوذا في بلد لا تعترف بشىء سواهما حتى بين الأقوياء أنفسهم فالأعلى نفوذا وسلطة قادر على ظلم قوى آخر ولكنه أقل منه نفوذا... فما بالك إذن بمن هم على الله مثلنا !

لذا كان من الطبيعى أن تجد تهافتا ذا مغزى لكثير من المصريين على الهجرة لدولة في الخيال ولم تصل حتى لمرحلة دولة على الورق أعلن أحدهم عن عزمه إعلانها في أوروبا.... الجميع يريد أن يهاجر أو بالبلدى ( يهج ) من البلد دى..وقبل أن تزايد على وطنية هؤلاء إسأل نفسك وإسأل حكومتك عن السبب وحاول أن تحتك بأحد ذى نفوذ في محيط عملك أو سكنك أو حتى في الشارع وقبل أن تصل لقسم الشرطة ستعرف الإجابة... فليست الشرطة هي المسئولة فقط عما يحدث وليست هي كل الظلم ولكن هي ملاذ كل فشل حكومى وملجأ كل فشل سياسي يلقيه الكبار عليها حتى تتعامل هي معه وتخلصهم منه... شيل للأمن يا عم وريح بالك !

ستعرف الإجابة إن قارنت ما تتقاضاه من عملك الحكومى مثلا بما يتقاضاه المحظوظون في هيئات بعينها أو قطاعات معروفة للجميع أو وزارات مثل وزارة العدل مثلا والتي أعلن وزيرها هذا الأسبوع عن صرف حافز جهود غير عادية لموظفى وزارته فقط حدها الأدنى 700 جنيه وحدها الأقصى في علم الله فقط.. يحدث هذا في بلد تشتكى الفقر يوميا وراتب الطبيب فيها والمعلم والمهندس أقل من حوافز أحد المحظوظين المدللين من الحكومة، يحدث هذا في بلد رئيسها يعلن أنه ( مفيش ) وأنه لو يستطيع إعطاء المواطنين نور عينيه لأعطاهم... ولكن يبدو أن العطاء مقصور على البعض فقط !

بالطبع لم نجد رئيس الوزراء إبراهيم محلب يخرج ليعلن أن موازنة الدولة لا تتحمل ذلك ولا يمهد للمواطنين برفع ما تبقى من دعم بسيط في موازنة العام القادم أو قل يوليو القريب والغلاء الذي سيطحن الأكثرية التي لا يشعر بها أحد ولا تجد من يتحدث باسمها ويشكو للوزير أو للرئيس.

إنه إذن الظلم العام الذي يمس الجميع وإن تعددت أنواعه وأشكاله ومسبباته، يبقى ظلما وظلاما ونذير شؤم يجب أن يحذره من يديرون هذا البلد، ليست الأجور الفلكية للكبار ببعيدة عن المحسوبية التي اشتكت منها أرملة الشهيد أحمد جمال، وليس الهجرة للدولة المزعومة ببعيدة عن تجاوزات ذوى النفوذ وليس كل هذا ببعيد عن الحنق العام وإنفلات الشارع المصرى وتدنى منظومة الأخلاق عامةً حتى وإن تم إلهاء البعض بحواديت إسلام والجفرى وعشرينية خلع الحجاب للشوباشى وغيرها من الملهيات قصيرة الأجل والتي لن تحمى مصر من انفجار وشيك ندعو الله أن لا يحدث إن خلصت نوايا الإصلاح في هذا البلد... اللهم إرحم مصر من المهلكات.
fotuheng@gmail.com

Advertisements
الجريدة الرسمية