رئيس التحرير
عصام كامل

"صبحة" وتجديد الخطاب الديني


ملايين المشاهدين تابعوا باهتمام المناظرة -التي قيل عنها حوار- بين إسلام بحيري من جانب وبين الشيخين الأزهري والجفري من جانب آخر، ودون الدخول في التفصيلات التي دار حولها الحوار، سمعت وقرأت بعض ردود أفعال وتعليقات المشاهدين، والعجيب أن وجدت أنصار كلى الطرفين -إلا من كان باحثًا عن انتصار الحق لا الشخص- خرجوا يعلنون انتصار من يؤيدونه فرحين في هزيمة الآخر، ومن ضمن ما سمعت من عامة الناس: [ هذه المناقشات ما ينبغي أن تعرض على التلفاز، إذًا ماذا نفعل وأي الآراء نتبع ؟ هل نصدق كل ما جاء في كتب التراث ؟ وإن كانت الإجابة بنعم فهذا يعني تعطيل العقل، وإن كانت بلا فما هي آليات الفرز التي تمكنا من معرفة الصحيح من الموضوع ؟ حاجة تلخبط...] الخلاصة يا سادة لم يغير اللقاء الرأي المسبق لدى المشاهد ولم يكن هذا متوقعًا أو مرجوًا من اللقاء، وهنا يأتي السؤال: ما هو الهدف من اللقاء إذًا؟


أترك هذا الموضوع جانبًا فهو ليس موضوع المقال بل هو مجرد مدخل لموضوع مقالي الموجع، أتركه بالرغم من أنه أثار قدرًا من البلبلة بين فئة ثالثة لم تكن متحمسة لهذا أو لذاك بل ربما لم تكن قد سمعت عنهم من قبل، لكن أغلب الذين تابعوا اللقاء أناس لديهم قدر من القدرة على التفكير، وهذا أمر إيجابي لعله حافز للبحث، أو مقدمة تلك الثورة الدينية التي طالب رئيس الجمهورية بها علماء الأزهر وعلى رأسهم الشيخ الطيب، وبالرغم من أنني أطلت في مقدمتي إلا أنني أختتمها بضم صوتي لصوت الرئيس عندما قال موجهًا خطابه لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب "أنتم الدعاة مسئولون أمام الله عن تجديد الخطاب الديني وتصحيح صورة الإسلام، وسوف أحاججكم بذلك أمام الله".
أما عن ما يوجع بحق وشر البلية ما يبكي

أقدم لكم حوارا دار بالفعل بين امرأة من الكادحات العاملات في البيوت وبين صاحبة البيت:
صبحة: خلاص يا مدام خلصت تنضيف البيت مفضلش غير المسيح
المدام: يا صبحة متقوليش على مسح الأرض المسيح، المسيح ده سيدنا عيسى، تعرفي سيدنا عيسى ياصبحة ؟
صبحة: لا يا مدام معرفوش!!
المدام: تعرفي مين من الأنبياء ؟
صبحة: سيدنا محمد.
وفي حوار آخر:
صبحة: إمبارح خالي سافر الحج
المدام: إحنا لسه في رمضان يا صبحة
صبحة: ماانا عارفة إنهم بيقولوا أحلى حجة إلى بتيجي في العيد الكبير.

يا شيخ الأزهر، يا كل مؤسسات الدولة، يا إعلام في ملايين صبحة في كل مكان بل هناك من هم أبسط من صبحة محتاجين محو أمية دينية، فانظروا ماذا أنتم فاعلون ؟
وحتى لا يفهم كلامي خطأ، ألخص فكرتي:
تجديد الخطاب الديني مهم ولابد من البدء فيه بمنتهى السرعة، بالرغم من صعوبة المواجهة والتصدي، لكنه جهاد وأمانة ستسألون عنها يوم القيامة.

لكن أيضًا لا يمكن ترك هؤلاء البسطاء لا يعرفون شيئًا عن دينهم، والحل بسيط يمكن أن يبدأ ببرنامج يعرض على القنوات الأرضية والفضائية ليصل للجميع يقدم فيه الدين بشكل بسيط وسهل وشيق حتى يجذب الناس لمتابعته، تقدم من خلاله تعاليم الدين وأخلاق الأنبياء وكيفية أداء العبادات والفرائض دون تعقيد، ويمكن إدخال الرسوم الكرتونية أو المشاهد التمثيلية القصيرة للمساعدة والإيضاح.

لا يوجد تعارض بين الأمرين وليس هناك ترتيب أولوية لموضوع عن آخر، بل لابد من الاهتمام بالأمرين على حد السواء فكلاهما لا يحتمل التأجيل.
الجريدة الرسمية