رئيس التحرير
عصام كامل

المتأسلم وأقرانه


لن نكون ذوي شطط إذا قلنا إن جرائم المتأسلمين تترفع عنها (....!)، فهم أتباع كل ضلالة وسوء فهم للنصوص التراثية والحياتية والوطنية، ولكل عبق حضاري.


يشتركون جميعا سواء من ذبح إنسانا وأمسك برأسه متفاخرا في قبضة يده، أو من ذبح كلب شارع الهرم في مصر، أو من سرق أموال الفقراء وهرب، أو من تاجر بأحلام الناس وعقولهم وأبدانهم، ومؤخرا تلك الفئة الحزبية التي ترفض تهنئة المسيحيين بأعيادهم.!

هذه الفئات المتناحرة فيما بينهم على الخلفية السياسية أو البلطجية أو الدينية.. هم أنفسهم من شاهدناهم يفرحون ويبررون في الماضي حرق المجمع العلمي، وهم من كانوا يسربون أحاديثهم بهدم الآثار المصرية، وهم أيضا من شاهدناهم بالأمس القريب يحطمون الآثار العراقية في الموصل.

المتأسلم مثل المتأمرك أي المقلد لكل ما هو أمريكي، ولكنه ليس أمريكيا.. وهكذا هو ليس إسلاميا. ولكنه يبهر بعض من يسمع له، ويجد له أتباعا في كل مكان، وبات هذا البلاء المعنكب ثقافيا على المجتمع العربي أسلوب معايشة في التأسلم كظاهرة أتت بالجماعة الإرهابية إلى حكم مصر، وتابعيهم من السلفيين إلى البرلمان، وصولا إلى انضمام قلة من أبنائنا الشباب لصفوف داعش.

والملمح هنا أن هناك قاسما مشتركا يتميز به المتأسلمون على الرغم من تباين غلهم وعنفهم، هو ضرب الرأس (تحديدا) وذبح جذوره من العنق.. ويتساوى في ذلك عدوهم الإنساني أو الجمادي.. فمشاهد تحطيم الآثار العراقية لو تم التركيز لوجدتم السحق لرأس التمثال كـ"هدف".. وهذا ليس اعتباطا؛ فذبحهم وسحقهم للرأس.. يشير إلى كراهيتهم العمياء للعقل المفكر والفني والجمالي. والمقصد هنا هو ضرب العقل وإرهابه وتخويفه وإخضاعه (إما أن تفكر مثلنا... وإما أن تُذبح وتعلق وتسحق).

تتكرر مشاهد الماضي البعيد بالأمس القريب، وهي ما سوف يتوالد في الغد إن لم نصحُ، ونسترجع هيبة الضمير الإنساني من داخلنا التي للأسف قبعت حكرا لكل ما يتم الترويج له باسم الإسلام زورا.. فالتعاطف معهم بأنهم إسلاميون خطر، ومدمر ذاتي للرسالة الإسلامية، والميل إليهم لو صمت يعد ذبحا لكل صوت معتدل عاقل ينادي بعقلنة الحياة والمعتقد في تعايش يتيح البقاء والاستمرار على الأرض من أجل البناء نحو عالم جمالي.

لا أدعي القول ولا لدى معلومة أكيدة بأن هؤلاء كما يروج لهم في الميديا بأنهم صناعة غربية مخابراتية خُلقوا.. لكن الأكيد أنهم بعثوا من بعض أفكارنا التراثية المتطرفة، لطمس الهوية الإسلامية والعربية، وإحراق الأرض، وإفساد المنطقة وتجهيزها للمخطط الدفين لاستعمارها وتقسيمها في ثوب جديد. لكن كل ما يمكن قوله إن حالة التناقض المعاصرة في مفاهيمنا الاصطلاحية والفكرية المرتبطة بالإسلام وبالوطنية. هي التي تقودنا إلى كارثة الفناء، فغير معقول من أجل حب الوطن أن أُخوِّن وأَسجِن وأَستبعد كل من يجتهد للبناء بطريقة مغايرة لطريقتي..

وليس صحيحا ولا مقبولا من أجل إيماني بالإسلام أن أقع في فخ السلفية والإخوان مرة أخرى، وأنتخبهم في البرلمان تحت أسماء مستترة أو أتعاطف معهم أو أرضخ لمحاولات الصلح التي تقودها بعض الدول مستغلة ضعفنا الاقتصادي.

إن التمسك بما تبقى من مبادئ وحس وطني وقومي وإيماني هو مخرجنا من هذه الانتكاسة بالجهد العقلاني والأخلاقي.. وأعتقد أن الأعوام الخمسة القادمة ستحسم وتفصل بين الفوضى الهدامة لكل ثوابتنا وتفتيت المنطقة العربية أو البناء الخلاق في تنوير قناديل وعينى الإنسان والمضي نحو البقاء والنهوض بالمنطقة العربية من وعكتها العقلية ورِدَّتنا الإنسانية.. إذا كان لدينا عقل رشيد.!
ومرة أخرى أكرر: إن مصر لن تقام إلا بالإيمان المطلق بالفكر، فَكِّرْ.. اُنْقُدْ.. اِبْنِ بَلَدَكَ.!
الجريدة الرسمية