رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

خلع ما هو مخلوع أصلا


رغم أننا شعب يقدس الدين شكلا ويجافيه جوهرا، فإن الكثيرين من مؤيدى الرئيس يضمرون حنقا بسب مشاهد صنعها أناس متمسحون بمعكسر الرجل تأييدًا لكل ما يفعل أو رفضا وسخطا على أعدائه من جماعة الإخوان الذين يرمى هؤلاء لهم بطوق النجاة من جديد، والذين يحاولون إقناع الناس المسكونين بتيار وعى لاشعورى عنيف ضد كل من يهاجم الدين عامة والإسلام خاصة، بأن أحداث 30 يونيو وما بعدها هي حرب على الإسلام وليس شيئا اّخر... ولكن الرئيس مسئول عن بدوره أيضا... كيف ذلك ؟


البداية كانت في أثناء الاحتفال بالمولد النبوى الشريف في الأزهر الذي يتعرض الآن لحملة انتقاد وسب انحدرت لما بعد البذاءة من أشباه كتاب ومدعى ثقافة وجهلاء ومتغربين وجدوا ضالتهم في الربط بين الإسلام وكتب التراث التي تحتاج لتنقية فعلية مما علق بها، ولكنهم أوهموا الناس واستجهلوهم عن عمد، ملصقين كل نص مقدس سواء كان قرآنا كريما أو حديثا شريفا يجهلون تأويله، بمصطلح التراث !

استغل هؤلاء الكلمة التي ألقاها الرئيس في الأزهر مطالبا بالثورة على التأويل وليس على النص نفسه واستشهدوا بمقولة الرجل ( مش معقولة مليار ونصف مسلم عاوزين يموتوا العالم علشان يعيشوا همّ ) قالها الرئيس وكانت ملامح وجهه تكمل المعنى من حيث الضيق والتذمر من أحوال المسلمين... فهم أشباه المثقفين والأدعياء مقولة الرئيس بسطحية وسذاجة تمام مثلما يمكن أن يفسرها أي من العامة على أنها انتقاد لثوابت الدين ونصوصه المقدسة... بل إن الأخطر من ذلك هو أنهم اعتقدوا أن ذلك هو تصريح علنى من رئيس الدولة بهدم الدين والهجوم عليه وتأسيس مجتمع لا دينى وليس فقط علمانيا، اتضح جليا أن من يطالبون بالعلمانية لا يعرفونها وأنهم مجرد أفاقين جهلاء وتلك هي ضريبة النفاق والتملق للحاكم، لأى حاكم ولس فقط الرئيس السيسي.

ولأننا أصبحنا في عصر الصوت الواحد والتوجه الواحد ثم وصم من يشذ عن تلك القاعدة بالخيانة وهدم الوطن وربما الانتماء للمعسكر الآخر الإخوانى، وجد هؤلاء الأفاقون ضالتهم في التربح بالدين تماما مثلما يفعل تجار الدين الذين يعيبون عليهم تدنيهم بالقيم الدينية وبالمقدس، تجد من يرى أن إرضاء الحاكم هو بحرق كتب تراثية وفكرية في فناء مدرسة أمام طلابها ممتهنين علم مصر برفعه أثناء الحرق... جريمة لا تستحق تحقيقا إداريا بل محاكمة جنائية فورية، ثم تجد من ينتقل من نقد الأحاديث الواردة في كتب التراث إلى نقد الرسالة نفسها وصاحبها بعدما عجز هو بشخصه وبعلمه الضحل وإدراكه البسيط عن تأويلها أو دراسة سياقها التاريخى أو إثبات استحالة صدورها عن النبى الكريم.

هانحن على أعتاب مرحلة شديدة الخطورة من دعوة هوجاء لخلع ما يسميه البعض بالحجاب.. أولا ليس عندنا في مصر محجبات (إلا قليلا) بالمعنى الاصطلاحى أو الدلالة اللغوية والدينية لما أجمع عليه الفقهاء وعلماء الحديث والتفسير، فلفظ الحجاب أو الزى الذي يستر بدن المرأة بشكل محتشم صار نادر الوجود في مصر وتحول الحجاب لمجرد غطاء أو فى كثير من الأحيان لنصف غطاء للشعر فقط مع زى يمكن أن تراه في أي بلد أوربى أو آسيوى أو أفريقى في العالم... نعم مجرد غطاء للرأس مع ملابس ضيقة شفافة ليس بينها وبين الاحتشام أي علاقة... مجرد زى شعبى يوفر على الفتيات عناء الاهتمام بشعورهن وتصفيفه لأن ما تحته لا يمت للاحتشام بصلة... ومع ذلك يدعون لخلعه وهو أفضل إن خلعنه بحق حتى تميز كل واحدة منهن ماذا تريد... أتريد زيا يوافق مفهومها للتدين أم تريد أن تكون مثل الباقيات اللائي حللن مفهومهن للدين لمجرد فلكلور أو حاجة شعبية وتقليد اجتماعى؟

ومع ذلك خرج علينا من يدعى البطولة والتنوير بخلع ما هو مخلوع أصلا أو غير متواجد بالمرة.. ولكنها حمى النفاق والتزلف والتقرب للرئيس بأى شكل حتى وإن كان الرجل لم يطلب منهم ذلك صراحة ولكن حديث البسطاء وغيرهم أصبح يلصق ذلك بالنظام وبالرجل نفسه معتقدين أن كل ذلك يحدث بضوء أخضر من النظام حتى يهدم الدين... هؤلاء أخطر على الرئيس من الإخوان وجماعات الإسلام السياسي التي وجدت في ذلك طوقا للنجاة وإعادة إحياء ولو من بعيد أو من وراء الحجاب !
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية