رئيس التحرير
عصام كامل

مجلس قيادة الثورة الدينية


يعيش المجتمع المصري هذه اﻷيام إشكالية في غاية الخطورة بعد حالة الحراك الفكري التي أصبحت مسيطرة على كل الجلسات العامة والخاصة، وربما ما تستشعره في عيون الجميع هو أن اﻷزهر الحاضر الغائب في هذا الحراك.


حاجة المجتمع المصري للثورة الدينية التصحيحية لم تعد خافية على أحد، بل إن أول من دعا إليها الرئيس السيسي نفسه وكرر الدعوة عدة مرات، بل فاض به أمره لدرجة أن قال لشيخ اﻷزهر وعلماء الدعوة: "سأحاججكم أمام الله عن مسئوليتكم عن تجديد الخطاب الديني ".

ورغم تكرار مطالبة الرئيس إﻻ أن مؤسسة اﻷزهر رسميا لم تفعل ما تثبت به مجاراتها لرؤية وسياسة الرئيس فيما يرتبط بتجديد الخطاب الديني وتفعيل الدعوة للثورة الدينية، بل وانشغل طرفا المؤسسة الدينية الممثلان في شيخ اﻷزهر فضيلة الدكتور أحمد الطيب ووزير اﻷوقاف فضيلة الدكتور محمد مختار جمعة بصراع داخلي لبسط النفوذ، كما انشغلا معا بمواجهة معارك إعلامية تارة ومعارك سياسية تارة أخرى، وبين هذا وذاك حارت مصر الرسمية والشعبية.

وبين حيرة هذا وذاك نرى في عيني الدولة بحث الحائر عمن يكون على مستوى المرحلة لتولى مسئولية ولو شعبية عن الثورة الدينية. من يقودها، ويحدد الحشد لها، وتوجيه مساراتها، ودفع أفكارها في دماء عانت وﻻ تزال تعانى على مر سنوات طوال تجلطا في كل عروقها، وأضحت في حاجة ماسة لصدمات قوية لتعود للحالة التي يمكن لروح المجتمع أن تسرى في جسد يحتاجها ليبقى على قيد الحياة.

وﻷننا نشعر بالمرارة التي يستشعرها الرئيس السيسي ﻻ نستغرب أن يلتقى منذ أيام بعالم أزهري متفتح واعد هو الدكتور أسامة اﻷزهري الذي رغم تمتعه بثقة جموع غفيرة من المصريين فضلا عن ثقة الرئيس إﻻ أن دوائر صنع القرار في مشيخة اﻷزهر تستكثر ذلك عليه لدرجة أن المكتب اﻹعلامي للمشيخة الذي يشرف عليه مستشاره محمد عبد السلام إلى جانب أعماله اللامحدودة مع فضيلة الإمام أرسل اسم اﻷزهري مجهلا بين قائمة من نحو عشرة أسماء من علماء أزهريين للحديث إلى الفضائيات وربما مثلت تلك القائمة ترشيحات ضمنية للمناظرات في مواجهة البحيري وإخوانه.

ورغم هذا كله فلم أستغرب لقاء الرئيس السيسي منفردا مع الشيخ أسامة اﻷزهري وتكليفه بمتابعة الجهود الراهنة لتصويب الخطاب الدينى، من أجل إرساء خطاب عصرى ومستنير، يراعى الواقع ويحافظ على ثوابت الدين الإسلامى، مؤكدا قيم التسامح والتعايش السلمى واحترام الآخر، وأهمية إبراز قيمة إعمال العقل في الإسلام، ومعالجة البناء الفكرى والنأى به عن القوالب الجامدة، ودحض الفكر المتطرف من خلال إعلاء التعاليم السمحة لديننا الحنيف، ومؤكدا كذلك أهمية العمل على مواجهة الأفكار المغلوطة، وبما يساهم في السمو بالمنظومة القيمية للمواطن المصرى والنهوض بها.

وكل هذه أفكار عظيمة. رائع للغاية أن تكون في ذهن الرئيس والدولة، وأزعم أن الشيخ اﻷزهري على مستوى المسئولية بإخلاصه لدينه ووطنه، وربما ﻻ يعرف كثيرون أن الدكتور أسامة كنى نفسه باﻷزهري، وهذا ليس جزءا من اسمه اﻷصلي، وربما هذا دليل على حب الرجل لرسالته ولمؤسسته.

ولعلى أصطف مع السائلين هل هذا اللقاء بداية لطرح جديد لفكرة الثورة الدينية؟ تلك الثورة التي ﻻ تزال تبحث لها عن قيادة تتزعمها، وأزرع نافذة لتبليغ رسالتها عبر كل وسائل الإعلام، وربما اﻷمر هنا يستوجب أن نعاون الرئيس بأن نرشح له مجلسا لقيادة الثورة الدينية، وأقترح أن يضم كلا من الدكتور أسامة اﻷزهرى، وفضيلة الدكتور على جمعة، وفضيلة الشيخ خالد الجندى، ﻷنهم لديهم علم حاضر، وذهن ملم بالمستجدات على مستواها ووجوه معروفة إعلاميا، ومؤثرة للغاية في الجميع، من اتفق معهم ومن اختلف، ومن الممكن أن توسع الدائرة، ويضاف إليها شخصية كالدكتور إبراهيم نجم وشخصية رابعة كالشيخ رمضان عبد المعز.. واﻷسماء التي تصلح لذلك كثيرة للغاية يدركها العارفون بدهاليز الدعوة في مصر ممن يدركون أهمية الثورة الدينية كثورة من أجل الدين، ﻻ ثورة على الدين تستهدف زعزعة اﻷركان والثوابت.

وختاما.. ستبقى مصر اﻷزهر كعبة العلم للعالمين، فمصر وﻻدة، وأبناؤها المخلصون كثر، ولكن اﻷزمة في أن الضعفاء ﻻ يفسحون للواثقين بخطواتهم المجال ليبقوا على ثغورهم كما هم، لكن على ما يبدو لى ولغيري أن زمن الثورة الدينية قادم، ولن يبقى ولن يذر.
Enafie80@yahoo.com
الجريدة الرسمية