رئيس التحرير
عصام كامل

ترقبوا غياب الشمس خلال عقدين


فزعنا عند قراءتنا تقرير وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) عن قرب شروق الشمس من مغربها، وبعد أن قال العلماء إن هذا قد يستغرق نحو 2000 عام من الآن؛ خرج علينا فريق يؤكد أن هذا قد يحدث في مدة أقل بكثير مما نتوقع.


إن كل ذي بصيرة يرى أن الشمس فعليًّا أصبحت قاب قوسين أو أدنى من مكان بين الشرق والجنوب، واقتربت ناحية الغرب، ولكن هذا لا يمنعنا أن نغرس الفسيلة كما أمرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

فأما شمس الشرق والجنوب فهي سوريا التي أصبحت بلا أجنحة، وتحول جسدها إلى ميتة تتآكل ذاتيا، والعراق الذي ضاع وتمزقت أشلاؤه وفي طريقه إلى التقسيم كما خططت الماسونية، واليمن الحزين قلب الإنسان وعقل الغاب، وأمّا شمس الغرب فهي ليبيا ونعيق الغربان، وعشش البوم.

إن إدراكنا للمشكلة نصف الطريق إلى حلها، وفي ظل مشاهد اليمن الأخيرة، استوقفتني صورة ألقت بكل ظلالها عليّ؛ فأدمت قلبي، وأرهبتني، وحلت عليّ كوابيس لم تفارقني، إنه مشهد الخراب الذي حل هناك؛ حيث رصدت عدسات المصورين بناية مكتوب أعلاها (مدرسة سما عدن)! فتمحصت أحوال الوطن العربي قبل خمس سنوات من الآن؛ فوجدت أن الأمية فيه كانت تشكل ربع سكانه؛ أي إن من كل 100 مواطن عربي يوجد 25 لا يقرأون ولا يكتبون! ووجدت أن 60% من ربع سكان الوطن العربي الأميين من الإناث! وأصبح بالوطن العربي (6.188) ملايين طفل وطفلة غير ملتحقين بالتعليم، وهذا استدعى منظمة (الألكسو) أن ترفع الراية السوداء أمام الوطن العربي ليعي خطورة الأمر.

أمَا وقد تبدل الحال، وخيمت الحروب على وطننا، وأغلقت المدارس في اليمن إلى ما يشاء الله، وقبله في العراق عاصمة الثقافة، وفي ليبيا حيث أغلق الاقتتال كل نوافذ العلم، وفي سوريا حيث القتل ليل نهار بين جيش نظامي وعصابات، أصبح لزامًا علينا أن نرسم صورة مكبرة لوطننا العربي خلال عقدين من الآن، ونرى هل ستشرق شمسه قريبًا من الغرب أم لا، وأبدأ بنفسي؛ حيث رسمت صورة في ظل استمرار الأوضاع كما هي عليه: ( أطفال في عمر السادسة، بلادهم في حروب مستعرة، يعيشون سنوات الشتات، والدمار، والدماء، فشكلت ثقافتهم، وتحجرت عقولهم، وأصبحوا أبناء 26 عاما، وتحول نصف الوطن العربي إلى أميين، وعادوا إلى العصور الوسطى، أينما توجههم لا يأتون بخير، يعيثون في الأرض فسادًا، وتحول القلب الأخضر إلى قلب يابس لا عقل له.
وأمّا المرأة، الموكل إليها التربية؛ ستصبح أَمَةً، تباع في سوق النخاسة كما تفعل داعش الآن.

وسيتولى زمام الأمور أحد شخصين: إما متعلم متنور، ولن يعينه إلا القليلون، وباقى العامة سيعوقونه بعدما خيم الجهل عليهم. وإمّا جاهل يضيع، ويضيّع الوطن معه.

إن أبناءنا في وطننا العربي يضيعون - إن ظل الأمر على ما هو عليه - وقريبًا - لا قدر الله - ستشرق شمس الوطن العربي من الغرب، ونصبح حينها كمن "فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ".
الجريدة الرسمية