رئيس التحرير
عصام كامل

مبارك يقف محاميًا أمام أعلى سلطة مصرية


بعد أن برأت المحكمة كلا من علاء وجمال مبارك في التهم المنسوبة إليهما، أصبحا طليقين خارج الأسوار الحديدية، يرتديان الزي الغامق بعد الأبيض، ويخالطان الناس دون إذن مسبق من النيابة، ويتحركان دون ملاحقات أمنية، بعد أن قضيا ما يقرب من 1050 يومًا داخل سجن طرة بداية من صدور أول قرار بحبسهما في 28 يناير 2011م، وذهبا إلى مسجد عمر مكرم؛ ليقدما واجب العزاء في وفاة والدة الصحفي مصطفى بكري في قلب ميدان الحرية - التحرير حاليًّا وسابقًا - وذهبا إلى الميدان بنفسيهما، وعلى أقدامهما دخلا المسجد، وما كان لعلاء وجمال أن يذهبا من تلقاء نفسيهما دون موافقة أبيهما الذي عرف عنه التريث والثبات الانفعالي في كثير من المواقف التي مرت بها مصر.


وفيما بدا أن مبارك أصبح شغله الشاغل هو أخطر قضية عند كل أب، ألا وهي أن يطمئن على أبنائه قبل وفاته، وكل أب يفعل هذا، وخاصة في الصعيد؛ حيث يقدم الأب كل ما يملك لأهل المجني عليه؛ ليقبلوا الدية، أو أن يحمل كفنه على يديه؛ ليحمي أبناءه من بعده.

المحكمة برأت فعلًا علاء وجمال، ولكن الشعب لم يصدر حكم البراءة حتى الآن، ولذا فقد دفع مبارك ولديه، ليدمجهما في الحياة، وتكون هذه الدفعة بلونة اختبار لهما، هل سيقابلان من قبل الحاضرين بالترحيب أم بالنفور؟ وما هي انعكاسات هذه الخطوة مجتمعيًّا؟

ولأن العزاء كان به بعض عوام الشعب، فقد كان اختبارا قويًّا ضمن سلسلة من الاختبارات التي يعد الأب ولديه لاجتيازها، ولأن مبارك قائد طيران حرب أكتوبر ما كان له أن يرسل أغلى مقاتلتين في حياته دونما أن تكون الأجواء آمنة وفرص النجاح أعلى من مائة بالمائة، فقد لوحظ أن ابني مبارك تجاوزا الاختبار الأول في مواجهة المجتمع، والاندماج فيه دون هروب، ونجحا في أن يبلغا رسالة مفادها أننا لم نجرم في حق الشعب، ولذا فنحن نواجه بثبات وعزيمة.

وساعد في تحليهما بالثبات والجرأة في المواجهة، أنهما يتحركان معًا، متحليين بروح وأخلاق المجتمع المصري؛ حيث إذا سار الإخوان فإن الأكبر هو الذي يسبق في الدخول والخروج، ولذا فقد دخل علاء أولًا، ثم جمال بعده، حتى إن زيهما اتسم بكثير من التوافق، فقد ارتدى علاء البدلة الكحلي، والقميص الأبيض، والكرافت الغامق، في حين ارتدى جمال البدلة الرمادي الغامق مع الكرافت الغامق، والقميص الأبيض، علمًا بأن اللون المفضل عند جمال في القمصان هو الأزرق، إنه التكامل والترابط، والرؤية ذات المضمون الواحد، وهي المواجهة، والاندماج في المجتمع.

قارئي الكريم:
إن مبارك بروحه العسكرية التي تدرب عليها لم يستسلم بعد، وحربه الحقيقية الآن هي كسب قضية ولديه أمام المحكمة الشعبية المصرية، التي لا تعترف بالثغرات القانونية، فهل سينجح مبارك المحامي، ويكسب قضية ابنيه أمام المحكمة الشعبية المصرية؟
الجريدة الرسمية