رئيس التحرير
عصام كامل

أنت شيوعى يا سبانخ ؟!


قالت حكومة محلب إنها ستعلن عقد شراكة العاصمة الجديدة خلال أيام. ننتظر التفاصيل على أحر من الجمر. نود أن نعرف من هو الشريك المحلى؟ هل دخل شريك مصرى مع المستثمر الإماراتى؟ أم أن المستثمر الإماراتى اضطر لجلب شريك أجنبي جديد؟


قبل أيام، وفى إحدى الندوات التثقيفية تحت رعاية القوات المسلحة، قال الرئيس السيسي إن الشريك الإماراتى اشتكى من عدم تقدم رجال أعمال مصريين. المعنى، أن بدء العمل في العاصمة الجديدة، كان إما سيتعطل.وإما أن يعطى الرئيس السيسي تصريحا للإماراتيين باستجلاب شركاء أجانب.

الكلام مفترض أنه ضربة ثقيلة على قفا عدد كبير من رموزنا ونخبتنا. خلال مؤتمر شرم الشيخ، وبعده سيّر رموزا ونخبا تابعوا أقاويل من تحت لتحت، طعنا في المؤتمر وفى نتائجه.وطعنا في السيسي من باب الاحتياط.

بدأ الضرب من ناحية مؤتمر شرم الشيخ، ومن اتجاهه. بعضهم قال إن استجلاب استثمارات أجنبية يرسخ مكانة الأغنياء، ولا يضع نصب أعينه الفقراء. البعض الآخر قال إن العاصمة الجديدة، كان من المفترض أن تُمنح للرأسمالية الوطنية.بلا تدخل إماراتى، ولا حاجة لشركاء أجانب.

تقعروا في الكلام.تمادوا في اقتصاد أشبه بالنظريات الماركسية التي وقعت في بلادها.وصل الأمر ببعضهم إلى الحد الذي دفع فيه بأن الشركات الأجنبية "عامل نخر في اقتصاد البلاد"، لأنها تحول أرباحها للخارج، وأنها "الاستثمارات الأجنبية" تأخذ أموال المصريين، التي تنقص، وتضيف إلى أرصدتها في بنوك بلادها التي تزيد.

كلام فارغ.لا هو اقتصاد، ولا له دعوى بأية نظرية تدرس لطلبة حتى مدارس التجارة المتوسطة.

تكلم بعض نخبتنا من وسع.قالوا كلاما يملأ حوائط شوارع العاصمة الجديدة وبالألوان. ظهر "مصطلح الرأسمالية الوطنية" في كلامهم مليون مرة.مرات على الفضائيات. ومرات أخرى في مقالاتهم على المواقع الإلكترونية.

قالوا: ادوا فرصة للرأسمالية الوطنية.امنحوا الرأسمالية الوطنية مكانا. تنحوا جانبا للرأسمالية الوطنية. الرأسمالية الوطنية، أجدع ناس.وسع يا عم للرأسمالية الوطنية. اوعى ياسيدى وشك للرأسمالية الوطنية.ثم ماذا ؟ ثم لا شىء.

الأسبوع قبل الماضى، أعلن الرئيس السيسي شكوى المستثمر الإماراتى. قال إنه لم تتقدم شركات مصرية تطلب شراكة في بناء العاصمة الجديدة. وقتها طالب الرئيس المصريين بـ"التضحية" لبناء بلادهم.أو كلام في هذا الاتجاه.

يانهار أسود. أين الرأسمالية الوطنية ؟ أين ما كاد بعض نخبتنا يضرب من أجله نارا في برامج التوك شو ؟

بالمناسبة، ليس هذا طعنا في الرأسمالية الوطنية، فمشروع العاصمة الجديدة عملاق، في حاجة لمزيد من الأموال.وكثير من الاستثمارات. لكن الكلام مجرد لفت نظر إلى مصطلحات بعض نُخبنا، وطريقتهم في التفكير. تفكير عقيم، ونظريات أكثر عقما لا تثير إلا بلبلة في الشارع. ممكن تسمى بعض نخبتنا "حسن سبانخ ". بطولة قديمة، لفيلم مش ولابد لعادل إمام.

أنت شيوعى يا سبانخ ؟!
يبدو أن حسن سبانخ ما زال شيوعيًا. كلامه كلام شيوعيين.أفكاره أفكار ماركسيين.كلام في الهواء.لا علاقة له بالواقع، ولا علاقة للواقع به.

على قهوة إيزافيتش في الستينات، كان شباب الماركسيين، والشيوعيين يملئون الدنيا كلاما، ومصطلحات وتخريجات، وتهويمات.عن المفروض، والأمثل.والأصلح، والذي يجب أن يكون. كلام الليل مدهون بزبدة.يطلع عليه النهار يسيح. انخدع المصريون فترة بمرتادى مقاهى إيزافيتش، ومتاتيا، وإستامبينوس.

أغلب أفكار رواد إيزافيتش كانت للاستهلاك. أغلبها لم تكن تصلح لأن تكون محل اختبارات.ولا محل مناقشات. كان كلاما وأحكامًا قاطعة، في كل القضايا تصدر من أحلى ورد قاعد على الكراسى.لا يفعل شيئا إلا الكلام، ولا يناضل إلا بالصوت العالى، فيخلب الألباب بالحكى المزوق..والنظريات المنمقة. بينما الواقع شيء آخر.

حسن سبانخ عاد اليومين دول للمشاكل. عاد للكلام المجعلص، والمفروض والواجب.عاد للشعارات التي كانت ستلقى بنا في وقت ما إلى التهلكة.

لماذا لم يعلق النخبة إياها على الشريك المصرى الغائب حتى كلام الرئيس ؟ لماذا لم يخرجوا ويصححوا "لغطا" حدث بإكثارهم من الحديث عن ضرورة إطلاق يد الرأسمالية الوطنية، فبدا أن الإماراتيين غول هابط من السماء ليأكل فلوس المصريين المتلتلة في البنوك.وفى حوافظ شركات إدارة الأموال ؟!

لا أحد يعرف. المشكلة لدينا للآن أن ما ينكسر. لا يمكن إصلاحه.ولا حتى الإشارة إلى أنه انكسر.

على كل.في انتظار إعلان تفاصيل عقد شراكة العاصمة الجديدة. المشروع واعد.وطموح. سبنا من كلام الشيوعيين. حتى لو قام الشريك الإماراتى بالمشروع من بابه.ووحده، ثم أخرج كل أرباحه بره البلد هيبقى إحنا الكسبانين. يكفى فرص التشغيل، ومواد البناء، والمبانى، والشوارع، والبنية الأساسية والبنية التحتية ومواسير المياه والكهرباء والتليفونات، وشبكات الصرف.وكل ما سيتركونه على أرضنا. قبل " تهريب أرباحهم " للخارج.

برضه إحنا الكسبانين. على الأقل، يكون ربنا أكرمنا، حتى تفيق الرأسمالية الوطنية، أو يفيق أصحاب الكلام عن " الرأسمالية الوطنية " !
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com
الجريدة الرسمية