رئيس التحرير
عصام كامل

"حوثة" مصر والحوثيين


حينما صرح الرئيسي السيسي محذرا: "باب المندب خط أحمر"، شعرت أن أرض اليمن زلزلت زلزالها، وأخرجت من الجحور والجبال والسهول والهضاب، أثقالها من الإرث الحضرمي، والثقافات الشبوانية، والعدنية، والصنعائية القديمة، كي تعي فحوى هذا التحذير الحضاري، وليس الرجعي.


معنى تحذير الرئيس المصري: أنه لو كان من حقك أن تحرق بلدك وتخرب تاريخك، فليس من حقك أن تخرّب تاريخ أمم غيرك، وأن تفسد حياة شعوب أخرى، لمجرد أن الجغرافيا وضعتك على رأس مجرى مائي تاريخي عملاق، مثل "باب المندب"، الذي يعد شريانا اقتصاديا عالميا، بمعنى أن فائدته تشاركية لدول العالم أجمع.

ومع الاهتمام بقضية "باب المندب"، كنت أتمنى لو يصل إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي أيضا خبر "وقف روسيا استيراد البطاطس المصرية... بحجة احتوائها على العفن البني"، والذي مر على نشره أكثر من عشرة أيام في كل صحف مصر، فيصدر تصريحا حضاريا أيضا بضرورة عقد اجتماع عاجل بين وزراء: التجارة والصناعة، والزراعة، والتموين، لبحث الأسباب الحقيقية للمشكلة، وسبل حلها رسميا بين مصر وروسيا.

أشعر أن سبب توقف روسيا عن استيراد البطاطس المصرية، "سياسي وليس تجاري"، فهل الموضوع يتعلق برفض مصر التعامل بالعملة الروسية، بدلا من الدولار، في الوقت الذي تحتاج فيه الدولة إلى العملة الصعبة؟ أم هل يتعلق الأمر باعتراض روسيا فعلا على استيراد بطاطس مزروعة بتقاو أصلها أوربي؟

كل ما نرجوه أن يكلف الرئيسي السيسي وزير التجارة على الأقل، باستدعاء السفير الروسي لبحث أسباب القرار، الذي أدى إلى إلقاء آلاف الأطنان من البطاطس في الترع والمصارف، أو في أرحم الأحوال، تحويل محصول مئات الآلاف من الأفدنة المزروعة بالبطاطس، إلى علف حيواني، مثلما حدث للبرتقال الذي يتم فرمه حاليا، وإدخاله ضمن عليقة الدواجن والماشية.

الموضوع عبارة عن قضية أمن قومي، حيث تراجع دخل الفلاح، بعد ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي، وبذلك سيزداد معدل هجران الأرض، وتراجع قيمتها الاقتصادية في عيون المصريين، لتصبح الخطط التنموية الأساسية للرئيس السيسي، مثل: "المليون فدان"، خططا عديمة الجدوى، لأننا لم نحسن أصلا الـ 9 ملايين فدان، أنفق فيها المصريون أعمارهم، منذ ما يزيد على خمسة آلاف عام حتى الآن.

مما سبق، يتضح للمصريين من ملخص حديثي هذا، أن "حوثة" مصر لو جاءت من "باب المندب" مرة، ستأتي من ضرب الإنتاج الزراعي والحيواني والداجني والسمكي ألف مرة، ولو اجتهد الحوثيون ألف سنة في ضرب مصر، ما كانت النتيجة تتساوى مع نتائج ضربات شل الاقتصاد المصري من بوابة الزراعة، في ظل نوم المسئولين المصريين في العسل.
barghoty@yahoo.com
الجريدة الرسمية