رئيس التحرير
عصام كامل

الفساد الإعلامي!


بمناسبة استقالة أحد مقدمى برامج التوك شو المشهورين من القناة التي كان يعمل فيها نُشرت أخبار تستحق التأمل العميق حول أسباب استقالته. فقد صرح قائلًا إنه لم يقبض راتبه في الشهور الثلاثة الأخيرة لأن إدارة القناة المعروفة ادعت أنها تمر بأزمة مالية.

غير أن إدارة القناة ردت عليه على الفور بأن ادعاء مقدم البرنامج غير صحيح، وأن السبب الحقيقى في إنهاء عقده أن برنامجه فشل في جذب إعلانات كافية طوال السنوات الثلاث الماضية، مع أنه يتقاضى عشرة ملايين جنيه سنويًا!

وإذا أردنا أن نحلل مضمون هذا الخبر بطريقة علمية لاكتشفنا عدة أمور بالغة الخطورة، أولها أن نجاح أي برنامج لا يقاس فقط بتوجهاته الصحيحة، أو برسالته القويمة التي يوجهها للمشاهدين، أو بارتفاع معدلات مشاهدته، ولكن بكم الإعلانات التي تقبل على البرنامج.

ومعنى ذلك أن برامج التليفزيون أصبحت تقام أساسًا بكمية الإعلانات التي تهبط عليها والتي تدر مئات الملايين على إدارة القناة وملاكها، وهكذا يمكن القول إن الإعلان أصبح هو المسيطر على الإعلام، وهذه نتيجة بالغة الخطورة لأنها تحول الإعلام –بالرغم من مهمته الأساسية في رفع الوعى الاجتماعى والثقافى والسياسي للمشاهدين- إلى سلعة رخيصة يتم التلاعب بها في سوق الإعلان الزاخر بالسماسرة والوسطاء والوكلاء، وبذلك يفقد الإعلام شرعيته الاجتماعية والثقافية.

والأمر الثانى هو المكافآت الخيالية التي تغدق إغداقًا على مقدمى برامج "التوك شو" بزعم أنها مبررة مادام البرنامج يدر إعلانات بالملايين!

ولو درسنا عينة عشوائية من مقدمى برامج التوك شو لاكتشفنا أنهم مجموعة من أنصاف المتعلمين الذين لا يستندون إلى أي رصيد فكرى.. والدليل على ذلك أن مذيعًا من هؤلاء يتقاضى ما يفوق العشرة ملايين سنويًا (وهو مبلغ لا يحصل عليه "أجدع" عالم مصرى) يتباهى بوسامته ويتحدث في البرنامج أنه أخذ رأى "الكوافير" الخاص به وقال له كذا وكذا، وكأن الكوافير أحد مصادر معلوماته! بقوله ذلك بخفة وهو يتحسس شعره معجبًا بنفسه مع أنه جاهل رضى عن جهله!

والأمر الثالث سؤال مهم من هؤلاء أصحاب هذه القنوات التليفزيونية والذين يغدقون هذا الإغداق على مقدمى البرامج من كعكة الإعلانات التي تدر الملايين؟

ونكتشف أنهم –بلا استثناء- مجموعة من كبار رجال الأعمال الذين تراكمت ثرواتهم بصورة أو بأخرى بالملايين.. والسؤال الساذج هنا: ما علاقة رجال الأعمال بالإعلام؟
الجريدة الرسمية