رئيس التحرير
عصام كامل

الناقدة ماجدة خير الله: الرقابة على السينما مقيتة وانتهت من العالم كله


  • «حلاوة روح» اقتباس رديء لفيلم «مالينا»
  • "الإخوة الأعداء" و"يوم من عمرى" مقتبسان لكنهما مبهران
  • تقليد الأفيش ليس تهمة أو شبهة تهين صناع السينما

قالت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، إن سرقة الأفكار الفنية أصبحت منتشرة بشكل كبير في الفترة الأخيرة، حتى صارت مؤخرًا أسلوب حياة بسبب الكسل وعدم الرغبة في الابتكار والتجديد.
خير الله قالت في حوارها مع «فيتو» إن بعض أفلام عائلة السبكى مسروقة، مؤكدة أن اهتمام الإعلام بها وتركيزه عليها فقط يقضى على تجارب فنية هادفة تتوه وسط زخم أفلام السبكي.
وأوضحت خير الله أن فيلم «حلاوة روح» الذي أثار ضجة كبيرة في مصر وتم منعه من العرض قبل أن يعود إلى دور العرض بحكم من القضاء يعد اقتباسًا رديئًا للفيلم الإيطالى «مالينا»، لافتة إلى أن صناع «حلاوة روح» لم يراعوا ثقافة وظروف المجتمع المصرى.. وإلى نص الحوار..


> ما مفهوم السرقة الفنية والفكرية؟
السرقة في مفهومها تعنى سرقة العمل بأكمله دون أي مجهود من قبل صناع العمل أو أية محاولة لإضافة أي زاوية جديدة في المعالجة، أو تقديم رؤية مختلفة، كأن يقوم صناع الفيلم السينمائى بسرقة الفيلم من فيلم آخر بنفس القصة والأحداث والشخصيات والديكور والملابس وأفيش الفيلم، أي النقل بالكامل دون أي تغيير سوى تغيير سطحى في أسماء أبطال الفيلم وأماكن التصوير مثلا.

> وما الفرق بين السرقة الفنية والاقتباس؟
السرقة كما ذكرت تعنى سرقة العمل بالكامل سواءً أكان فيلمًا أم مسرحية أم مسلسلًا، لكن الاقتباس يعنى أخذ بعض الأجزاء من أفلام وأعمال فنية أخرى مع تغيير في العمل المقتبس وإضافة شىء من الرؤية الإبداعية، حتى يظهر العمل في شكل مختلف إلى حد ما ويجذب الجمهور ويحقق النجاح المطلوب، ويكسب احترام النقاد، وتوجد أمثلة عديدة على أفلام مقتبسة ناجحة.

> وهل تقليد «أفيشات» الأفلام الأجنبية يعد من قبيل السرقة الفكرية؟
لا أتفق مع هذا الكلام، فقيام بعض صناع الأفلام السينمائية المصرية بتقليد أفيشات الأفلام الغربية لا يعتبر سرقة أو اقتباسًا، فتقليد الأفيش ليس تهمة أو شبهة تهين صناع السينما، وإنما هو أمر متعارف عليه حتى في السينما العالمية، ولا يجب أن يشعر صناع أي فيلم بالخجل من هذا الأمر، خاصةً أنه يتم في إطار الاستفادة من التجارب الأخرى في صناعة الأفيشات في الأفلام الغربية.

> هل توجد نماذج للاقتباس الرديء والتي قد تكون أكثر خطورة من السرقة الفنية؟
بالطبع أرى أن الاقتباس الرديء أكثر خطورة من السرقة الفنية، وتوجد بعض التجارب الفنية الرديئة التي قام صناعها بالاقتباس من أعمال فنية غربية بصورة سيئة جدًا أساءت إلى الفيلم الأصلى وشوهت صورته، وقدمت حالة لا إبداعية تفتقر إلى عناصر الجمال الفنى، وقد يصل الأمر إلى حد أن يكون الفيلم مجرد تقليد أعمى وتشويه دون أية رؤية فنية، مثلما حدث في فيلم «حلاوة روح» الذي اقتبس عن فيلم إيطالى، وحاول صناعه أن يقدموه في صورة مصرية، لكن التجربة فشلت والفكرة لم تكن واضحة في ذهن القائمين على صناعة الفيلم، فقللوا من قيمة الفيلم الإيطالى، وأخذوا منه القشور، لكنه ليس سرقة أيضًا وإنما يصنف تحت بند الاقتباس الرديء.

> وهل قيام صناع السينما والأعمال الفنية في مصر بالأخذ من أعمال أجنبية يعتبر سرقة أو اقتباسًا؟
أرى أن كثيرًا ممن يتحدثون في هذا الموضوع يعانون من مشكلة الجهل وعدم فهم طبيعة السرقة والاقتباس والفرق بينهما، الاقتباس عمومًا معروف ومعمول به في العالم كله، ففى السينما الأمريكية الأكثر شهرةً في العالم يتم اقتباس بعض الأعمال من أعمال كورية، وتوجد أفلام تقتبس بأسمائها، ولكن الاختلاف هنا يكون في طريقة العرض والرؤية المختلفة التي تقدم بها الأعمال الجديدة.

> ما القواعد التي يجب على المبدعين الالتزام بها عند الاقتباس من أعمال أخرى حتى يكون الاقتباس في صورة جيدة وللابتعاد عن شبهة السرقة الفنية؟
يجب أن يتم الاقتباس بطريقة تلائم المجتمع الذي يعرض فيه العمل الفنى، ففى حالة اقتباس فيلم مصرى عن فيلم أمريكى يجب أن يقدم بطريقة تناسب المجتمع المصرى نظرًا لوجود اختلاف كبير بين المجتمعين، ويجب أيضًا الالتزام بتحقيق عنصر الإبداع، والعرض المتميز، وأن تظهر خلال العمل الفنى رؤية المخرج ويقدم العمل بشكل مختلف، وأن يتم التنويه إلى الفيلم المقتبس عنه حتى لا يقع صناعه في فخ السرقة، «العمل الفنى يجب ألا يظهر بصورة السرقة بغباء في كل شىء ودون تقديم أي شىء جديد، ودون أي مجهود من قبل صناعه».

> هل تتفقين مع الرأى القائل إن الاقتباس من أعمال فنية أخرى يعتبر نوعًا من الإفلاس؟
لا أتفق مع هذا الرأى، الاقتباس لا يعتبر إفلاسًا، توجد أعمال عظيمة مقتبسة وقدمها صناعها بصورة مبهرة ومتميزة ومختلفة عن العمل الأصلى، منها مثلًا مسرحية «سيدتى الجميلة»، وفيلم «الإخوة الأعداء»، وفيلم «يوم من عمرى» المقتبس عن فيلم أمريكى ناجح تم تقديمه في أمريكا مرتين عام 1930، وعام 1950، ثم قدم في مصر عام 1960، «المهم ألا يكون العمل مجرد تجميع مشاهد فقط».

> حدثينا عن أنواع الاقتباس؟
السرقة نوع واحد كما أوضحتها سابقًا، أما الاقتباس فهو إما أن يكون اقتباسًا جيدًا يضيف للعمل الأصلى، أو اقتباسًا رديئًا يشوه العمل الأصلى، ويتم بغباء شديد يحوله إلى سرقة متكاملة، «النوع ده اقتباس بيتعمل بغباوة، وده اللى يسمى سرقة، لأنه لا يقوم صناعه بالإبداع فيه وإنما يقتصر دورهم على النقل فقط».

> كيف ترين مستوى الأعمال السينمائية التي قدمت مؤخرًا وتحديدًا خلال العام الماضى.. وهل ابتعدت عن شبهة السرقة وكانت متميزة أم لا؟
أرى أن السينما المصرية شهدت طفرة خلال العام الماضى، حيث قدم صناعها تجارب مختلفة ومتميزة مثل فيلم «ديكور»، و«الشتا اللى فات»، و«فرش وغطا»، و«عشم»، وهى أفلام نجحت في دور العرض والمهرجانات أيضًا، وقدمت برؤية مختلفة، ولا يمكن أن نتحدث عند ذكر هذه الأعمال عن أية سرقة أو اقتباس، فهى تجارة مختلفة تمامًا، وتختلف بالطبع عن سينما السبكى، لكن الإعلام يركز بصورة أكبر على أفلام السبكى التي تتم سرقة بعضها، وتجميع البعض الآخر من أفلام مختلفة، فيبدو الأمر وكأنه لا يوجد على الساحة سوى هذه النوعية من الأفلام.

> ما رأيك في الرقابة.. وما هي حدود دورها خاصةً مع الأفلام المسروقة؟
وجود الرقابة شىء بدائى ومقيت جدًا، وانتهى من العالم كله، ويجب أن يقتصر دورها على الإرشاد فقط من خلال التنبيه إلى المراحل العمرية المناسبة للأعمال الفنية ولا تتدخل الرقابة في أي شىء آخر.
الجريدة الرسمية