رئيس التحرير
عصام كامل

الشيطان يعظ !!


أثار استقبال الرئيس السيسي لأمير قطر تميم بن حمد في قمة شرم الشيخ الكثير من الجدل واللغط وتنوعت الآراء حول شكل الاستقبال بين الرفض والقبول، وأخذ الجدل مداه على شبكات التواصل الاجتماعي ( فيس بوك وتويتر وإنستجرام ) إلى الدرجة التي نسي فيها الجميع قواعد وأصول البروتوكول والدبلوماسية خصوصا أن الزيارة لا تدخل في إطار زيارة دولة لإجراء مباحثات أو بحث قضايا ثنائية بين البلدين أو ما شابه، لكنها زيارة تأتي على أرضية اجتماع دوري للجامعة العربية، ومن واجب الدولة التي تستضيف القمة توجيه الدعوة إلى كل الدول الأعضاء ما لم يكن هناك عائق مثل الوضع في سوريا، كما أن من الأصول الدبلوماسية أن يكون الاستقبال على مستوي الضيف القادم للقمة وكلنا تابعنا ذلك من خلال استقبال الضيوف.


ولأن السياسة لا تعرف المشاعر التي تتعلق بالحب أو الكراهية طالما تجري تحت مظلة منظمة أو هيئة دولية أو إقليمية، ولأن الدبلوماسية المصرية تمثل مؤسسة عريقة لها قواعد وأصول يعرفها العالم، ولأن مصر كانت الدولة الأولى بين مؤسسي هذه المنظمة الإقليمية وهي صاحبة الاسم الذي تعرف به المنظمة حتى الآن وتم عقد أول قمة للجامعة على أرضها في أنشاص فلا يجوز أن تخرج الدبلوماسية المصرية والقيادة السياسية عن هذا المسار المعروف، ولكل حادث حديث، وأقول لكل من يدفعه حبه للوطن..لا تغالي في المشاعر.. اللي في القلب في القلب!

جاء تميم إلى مصر بإرادته أو رغما عنه.. جاء تحت ضغط خليجي أو جاء بحثا عن فرصة تعيده للصف العربي.. جاء قفزا من مركب الجماعة الإرهابية والتنظيم الدولي قبل الغرق أو جاء في إطار مناورة جديدة كعادته أو عادة نظامه الذي يتحالف مع الجميع بحثا عن مصالح وهمية في الريادة أو الزعامة !! بصرف النظر عن الهدف الذي جاء من أجله.. فقد جاء إلى مصر وحضر القمة العربية، وفي كلمته تقمص دور الواعظ ولبس رداء الحكمة تارة، ورداء المصلح تارة ثانية، ورداء الحاوي تارة ثالثة !!

أمير قطر قال كلمته في 18 دقيقة تقريبا منها 6 دقائق للقضية الفلسطينية، ودقيقتان ونصف للقضية السورية، ودقيقتان للحديث عن الإرهاب، و3 دقائق عن اليمن، ودقيقة ونصف عن ليبيا، ودقيقتان عن إيران، ودقيقة عن العراق تقريبا!!

في القضية الفلسطينية لبس تميم رداء المصلح.. لكنه نسي أن لقطر علاقات وثيقة مع الكيان الصهيوني سياسية وتجارية وسياحية وشراكة أيضا في قناة الجزيرة وكان من الأولى أن تمارس قطر ويمارس هو دوره المسئول ويضغط على إسرائيل بدلا من تحقيق مصالحها عبر إعلام دولته.. تميم يعظ العرب في القضية الفلسطينية ويعطيها ثلث وقت كلمته !!

في مواجهة الإرهاب.. تميم لبس رداء الحكمة والتنظير فتحدث عن الظاهرة وجذورها التي ترتبط بالتهميش والإقصاء وفسر الماء بالماء ووعظ القادة بضرورة التفرقة بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال دفاعا عن حماس، ولم يخجل من مساندته للإرهاب في ليبيا ودعمه في سوريا بالمال والسلاح، ولم يبد أسفا على موقفه عندما قامت مصر بضربة جوية للإرهاب في ليبيا دفاعا وثأرا لقتل أبنائها على أيدي الإرهاب الذي يتحدث عن مواجهته في ليبيا !!

وعن الأزمة السورية.. تميم لبس رداء المصلح والفليسوف وقال إن النظام السوري حول سوريا إلى ركام ومارس أبشع أنواع القتل، وأكد على أن النظام السوري ليس جزءا من أي حل!! نسي تميم أنه ونظامه يشكل جزءا كبيرا من المشكلة السورية حيث يدعم تيارات التطرف ويسلح ( المعارضة!!!!! ) ويمدها بالمال والدعم اللوجستي لذلك لا يصلح هو ونظامه أن يكونا جزءا من الحل !!

وعن إيران.. لبس تميم رداء الحاوي فبينما هو عضو في التحالف الذي تقوده السعودية لضرب جماعة الحوثي التي تدعمها إيران، يؤكد على إقامة علاقة حسن جوار مع إيران الذي يعتبرها جزءا لا يتجزأ من منطقتنا وهو يعلم أن عملية ( عاصفة الحزم ) تجري لتقليم أظافر إيران في المنطقة ومنعها من السيطرة عليها، وفي تقديري أن رداء الحاوي هو الرداء الذي يليق عليه تماما !

وكما لبس رداء الحاوي في اليمن وفي حديثه عن إيران لبسه في الحديث عن ليبيا فقال.. لا حل عسكري في ليبيا ويري ضرورة البحث عن حل سياسي.. تميم يريد حفظ حقوق وأرواح الخاطفين والمخطوفين في ليبيا كما كان يدعو مرسي من قبل، فالإرهاب في ليبيا يتساوي مع الشعب الليبي عند تميم قطر !!

الرئيس السيسي كان يمثل مصر والمقام الرئاسي وقد نفذ باقتدار مسئولياته.. لكني ومعي قطاع كبير من الشعب المصري ما زالنا نري تميم قطر شخصا غير مرغوب فيه على أرض مصر، وما زلنا لم ننس ما فعلته قطر وتفعله حتى الساعة لمصر والمصريين وأظن أننا لن ننسى.. وعليه أقول متى يتوقف الشيطان عن الوعظ.. وبصورة أدق متي يعظ تميم نفسه؟
m.elazizi@hotmail.com
الجريدة الرسمية