رئيس التحرير
عصام كامل

زكى مبارك يكتب: وقفت عاريا أمام النساء


في عام 1938، اجتمع أساتذة دار المعلمين العليا، لتناول العشاء معا بجزيرة صغيرة على نهر دجلة بالعراق، دفع تكاليف العشاء الدكتور فاضل الجمالى، وزير خارجية العراق، وكان مع كل مدرس زوجته، وكانت زوجات الأساتذة جميلات حسناوات، وكما حكى الدكتور زكى مبارك، الذي حضر العشاء في مقال له بمجلة "مسامرات الجيب"، عام 1950 يقول:


كانت ليلة مقمرة يرسل فيها القمر أشعته الفضية، فيزيد أولئك الجميلات جمالا، جلسنا على الأرض، وأخذنا نتسامر قبل العشاء بأحاديث أرق من ورد الخدود، نحو ساعة نلقى أبيات الشعر، ثم شعرنا بالجوع، وجاء السمك المثقوف، وهو نوع من السمك الضخم في حجم الخروف يكثر في نهر دجلة.

تم شوى السمك على أربعة قضبان من الحديد تحتها نيران موقدة، وكانت السمكة ممتلئة باللحم وليست كالأسماك المصرية، تجمعنا حول تلك السمكة تجمع النحل على الزهر، وأخذنا نأكل بأيدينا بلا سكاكين، وأكلت حتى شبعت ولم يكن معنا شراب.

وجعلت شرابى من تفاح تلك الخدود، وفاكهتى من رمان تلك النهود، وكان كل شئ يبشر بالخير، ولم أكن أتوقع أن واقعة ستقع ولا يعلم الغيب إلا الله.

نزلنا السفينة جميعا، وهى سفينة تذكرنى بسفينة نوح التي أراد الله أن يفسدها بوضع الدفة، فكان في ذلك إصلاحها، حيث يوجه الملاح السفينة كيفما يريد.

ولكثرة ما أسرفت في الطعام في تلك الليلة، أخذتنى سنة من النوم، وحلمت بأنى سأموت غرقا في دجلة، واستيقظت على صراخ النساء، وتيقنت بأن السفينة ستغرق فأسرعت بخلع ملابسى لأسبح في النهر، وظهر بعد ذلك أن "دلع الحسناوات"، جعلهن يصرخن كلما خبطت السفينة بالأرض، فضحكت وحمدت الله على النجاة.
الجريدة الرسمية