"أحمد لطفي" يكتب: "المقرّبون أولى بعفة اللسان"
في أحد المحال رأى رجل شخصا ظن من أول وهلة أنه صديقه الذي يعرفه منذ سنوات مضت ولم يره، فاقترب منه ومن خلف ظهره قال له: "إزيك يا تخيييييين"، وفجأة اكتشف الرجل خطأه عندما التفت له هذا الشخص ولم يجده صديقه، وقال في حرج شديد: "آسف.. ظننتك صديقى"، فأجابه الأخير: وهل لك أصدقاء حقا؟!
كانت تتناقش مع زوجها حول مستقبله المهنى، حيث كان يعمل في مجال "الطبخ"، وكان يتحدث عن فرص الطباخين في العمل فقال لها: "من الممكن أن أعمل في التليفزيون وفى الفضائيات كمذيع مثلا وأعد الأكلات المتنوعة أمام المشاهدين"، عندها وبكل "وقاحة" انفجرت الزوجة في الضحك، وقالت له: "انت؟! مذيع؟! ههههههههه! أنت لا تصلح طبعا"، حَكَتْ الزوجة بعدها أنها لن تنسَ نظرة زوجها في هذا الوقت.
لماذا نتكبد العناء وننتقى أبلغ وأروع الألفاظ ونتفنن في بناء الجمل الرصينة ونتخير مرادفاتنا مع مَنْ نعرفه بالكاد، بينما نطلق لجام ألسنتنا لتعبث بمشاعر من نحبه، لماذا يضطر المقرّبون مِنّا إلى سماع السخافات لمجرد أنهم مقرّبون؟! وكلما زادت "الفظاظة" في العبارات كلما كان هذا مؤشرا على درجة قربه منا!
إنها مرافقة عجيبة ووقحة، ناهيك عن كلام الشباب مع أصدقائهم واستخدامهم لمعجم ألفاظ ما أنزل الله به من سلطان، لدرجة لو أن أحدهم حيّا الآخر دون سبّه، لعلم الجميع أن بينهما خلافا فظا أدى إلى احترام بعضهما البعض.
للأسف.. نمتلك مفاهيم خاطئة عن معاملة المقربين، ونستخدم الغلظة في المعاملة والخشونة في الكلمات، ولا نأخذ في الاعتبار أن كل هذا يتحول إلى ما يشبه الصدمات فيما بيننا، كما أنه يسبب خللا كبيرا في الصداقات فيما بعد.
أتساءل: أي علاقة راقية وطيدة كانت تربط بين الصحابة بعد أن رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بشاشة الوجه، ولين الكلام، ورقة الجانب، وحلاوة اللسان، لدرجة أن تَبَسُّمُك في وجه أخيك صدقة.
