رئيس التحرير
عصام كامل

مهنة من لا مهنة له!


للأسف هناك من يصر على التشويش وتشويه أي إنجاز حتى ولو شهد به الأعداء.. لا لشيء إلا ليكون في الصورة.. وهذا ما تعودنا عليه أكثر من الأحزاب والنخبة السياسية.. أرباب المصالح الضيقة والانتخابات.


ولست أرى الإعلام أفضل حالًا من هؤلاء المتنطعين على درب السياسة، فالإعلام بعضه أو أغلبه انقلب من المدح والمبالغة في الإشادة بالمؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ.. وزيارة الرئيس السيسي للسودان وأثيوبيا وتوقيع إعلان مبادئ سد النهضة، إلى الإفراط في الهجوم؛ وهو ما يقطع بعشوائيته وتخليه عن الموضوعية وافتقاده الحس السياسي والإعلامي النبيل.. واقترانه بالعشوائية والأنانية حتى صار دون أن يدري، وربما عن قصد، أداة لتعميق الانقسام وشق الصف وزرع الإحباط واليأس والتخبط، بدلًا من أن يكون أداة توعية ورسالة تنوير، ووسيلة (تثوير) وتغيير إيجابي بدلًا من التمادي في الانفلات والتلون اللذين صارا سمة له بعد الثورة.

وكان طبيعيًا في سياق كهذا، أن يخرج علينا خبراء إعلام لينتقدوا الإعلام بقوة.. وليدقوا ناقوس الخطر.. وليقولوا إن مهنة المذيع في خطر، لتحولها إلى مهنة من لا مهنة له، رغم أنها أهم أدوات تشكيل الوعي والوجدان الشعبي وصياغة وتوجيه الرأي العام، وارتبطت على مر السنين بجيل عمالقة رواد كانوا ملء السمع والبصر في زمانهم، أمثال جلال معوض، وسامية صادق ومحمود سلطان وأحمد سمير وكامل البيطار.. لكن الساحة الآن خلت من مثل هذه النماذج المبهرة رغم كثرة الفضائيات وتعاظم دورها في تشكيل الوعي والوجدان، وتصدر الشاشات الآن نجوم فن ورقص وكرة وصحفيين!!.. ويا للعجب فهم من يقدمون برامج التوك شو الآن!

والسؤال أليس ما نعيشه اليوم من تردٍ وانحطاط، يستلزم تشريعات تنظم بإحكام مهنة الإعلام وفق ضوابط ومعايير موضوعية، تضمن سلامة اختبار من يعملون بالإعلام، خصوصًا مذيعي الفضائيات حتى تستعيد تلك المهنة رونقها واحترامها وجاذبيتها في أعين الجماهير.

كنا نرجو لو استشعر هؤلاء خطورة المرحلة، وألا ينشغلوا عن المخاطر الكبرى بسفاسف الأمور، وأن يدركوا أن معركة الدولة هي معركة وجود، تتطلب التكاتف من الجميع؛ ليكونوا ظهيرًا للقيادة في قضايا مصيرية، مثل حرب الإرهاب والتطرف، ودعم الاقتصاد وعبور أزمة سد النهضة، وتخليص المنطقة العربية من مخططات الشر والدمار التي تحاك لها.

اصطفاف القوى الوطنية بعيدًا عن رداء الحزبية والأيديولوجية، فريضة حتى نميز الخبيث من الطيب والمنتمي من الجاحد، وحتى تنكشف الفئة المعوقة الواقفة في طريق حركة الشعب نحو التغيير والمستقبل.. كنا نرجو أن نناقش مشكلتنا وقضايانا بحوار موضوعي لا يخالطه شك، ولا تخوين، بل يستند إلى العلم والعقلانية؛ حتى لا نرمي الأبرياء باتهامات باطلة، وحتى لا نتهم الحكومة بأنها "تبيع البلد".
الجريدة الرسمية