رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الإخوان حضروا القمة العربية سرًا!


من جديد يتضح أنه لا جديد فعليا في أي قمة عربية، فنفس النظرة الطائفية والرؤى الملتبسة التي تحركها مصالح شخصية قبلية أو تحزب طائفي تهيمن على الأمور كلها، فليس هناك أوضح من الموقف السعودي الذي لا يتفهمه البعض رغم وضوحه الشديد.


فبالأمس في البيان الختامي للقمة، انتفض وزير خارجية السعودية للرد على موقف مصر (الرسمي) من النظام السوري وما يحدث في سوريا.. نعم على مستوى الشكل، كان سعود الفيصل يرد على خطاب الرئيس الروسي لقمة الرؤساء ولكن على مستوى المضمون كان يرد على مصر (الرسمية) أو بمعنى أدق يرد على الرئيس السيسي الممثل للسياسة الخارجية المصرية، ولكل قرار مصري في الواقع وهم يعلمون ذلك جيدا.

الرئيس الذي قرأ خطاب بوتين كتقليد دبلوماسي واجب، يعرف جيدا أن النظام السعودي له موقف عدائي من بشار الأسد ونظامه العلوي النصيري الشيعي القريب من إيران أو قل المتحالف مع إيران، عدوته اللدودة وخطره الدائم المحرك ولو من بعد، للقوى الشيعية الشعبية في بعض مناطق المملكة.

لذا فهو هو النظام السعودي يقترب من نفس لهجة الإخوان وباقي قوى الإسلام السياسي السني، عند الحديث عن سوريا وما يجرى فيها، فبغض النظر عن القناعات السياسية أو حتى الإنسانية من نظام بشار وريث الأب حافظ في سوريا، تجد أن الموقف كله قائم على الحفاظ على الأمن القومي السعودي أو بشكل أكثر مصداقية أمن العرش الملكي السعودي.. لا ضير هي مصالحهم، لذا ستجد السعودية التي أعلنت بوضوح على المستوى الرسمي خطابيا أو فعليا على أرض الواقع موقفها من الثورات العربية أو ما يعرف بالربيع العربي، الذي انتقده أيضا في القمة ممثل دولة الكويت ولم يكن في حاجة لذلك فنحن نعرف موقفهم جيدا، ستجد السعودية تعتبر ما يحدث في سوريا ثورة.. نعم هكذا ثورة تلك الكلمة سيئة السمعة عند كافة الأنظمة العربية دون استثناء، يتم إقرارها وتقديسها والتغني بها حسب مصالح كل عرش، فهي ثورة في سوريا طالما كانت ضد بشار الشيعي العلوي النصيري.. وهي أيضا هدم ودمار وتخريب ومؤامرة طالما كانت في أم الدنيا ضد نظام مبارك الذي هوى بأم الدنيا لواد سحيق!

وها هي دولة الإمارات العربية المتحدة تأتي بوفد أقل في المستوى الدبلوماسي من بقية الدول، ما يشي بخلافات في الرؤى و(الزعامة) أيضا، فالنظام الإماراتي يبدو أنه كما أُشيع، كان له تحفظ على عدم دعوة سوريا الرسمية الممثلة في نظام بشار الذي لا ترضى عنه السعودية، ومصر الرسمية أيضا لا تقبل بتمثيل المعارضة السورية لسوريا في القمة كما حدث في الدورات السابقة، لذا كان مقعد سوريا فارغا، واكتفى منظمو القمة بوضع العلم السوري ذي النجمتين الممثل لسوريا الرسمية.. فرغم غياب الإمارات النسبي عن القمة، إلا أن مصالحها حاضرة مع مصر الرسمية من حيث العداء المشترك للإسلام السياسي عامة وللإخوان خاصة، ومن مفارقات السياسة العربية وطرافتها في نفس الوقت أن جماعة الإخوان بتنظيمها الدولي كان هو الحاضر الغائب في القمة، ولا أستبعد واسطة سعودية للمصالحة مع عدو الأمس القريب الذي ربما تحوله أزمة الخطر الحوثي لصديق مقرب وسطي جميل!

هي مصالح إذن ولا يوجد ما يسمى بالوحدة العربية أو ما شابه إلا في قلوب المحبين من الشعوب العربية أو لمن لديه حنين تراثي لمقومات العروبة من لغة ووحدة، لم نرها إلا في لحظات خاطفة على مدى قرون طويلة أو ربما في أغانٍ مصرية ذات توجه عروبي بأوامر سياسية مثل وطني حبيبي للمرحوم محمد عبد الوهاب أو الأرض بتتكلم عربي لسيد مكاوي وفؤاد حداد!

الأرض تتكلم مالا يا سادة، ومصالح وآبار بترول وأرصدة بنكية وحقائق عملية على الأرض بعيدا عن أوهام المشاعر الجياشة، والحلم العربي الذي لا وجود له، فالدوحة أقرب لأنقرة من "أبو ظبي"، حسب ما يجمع ويحمي مصالح الأنظمة الحاكمة وما تراه يخدم شعوبها أو قبائله المتشابكة في الأدوار وتوزيع الثروة.

هذه هي السياسة والبرجماتية التي تعلمتها أنظمة الخليج من حليفتها الأولى أمريكا، أما نحن فما زلنا نتعلق بأستار الغموض واللف والدوران حتى نقنع أنفسنا بأننا نخدم مصالحنا المباشرة، بالاشتراك في حرب اليمن المذهبية؛ حماية لمضيق باب المندب!

بالطبع نحن لا نشعر بأن العالم حولنا قد صار فاضحا لكل حقيقة، فالولايات المتحدة تحمي باب المندب من خلال قاعدة عسكرية في جيبوتي منذ 2003 بعدما تعرضت المدمرة (كول) لهجمات من تنظيم القاعدة في اليمن، وفرنسا كذلك تقوم بنفس الدور؛ حماية لمصالحها ومصالح التجارة العالمية من خلال قاعدة أخرى في نفس البلد العربي اسمها الفرنسي ثقافة ونفوذ!

خير لنا أن نعلن عن توجهاتنا صراحة ونعامل الجميع وفق مصالحنا، ووفق ما يعاملوننا به حتى نحترم أنفسنا وتحترمنا شعوب المنطقة التي تحتاجنا بقدر أكبر من حاجتنا لهم، ولنكف عن ترديد شعرات وأغانٍ قد تكون صادقة عند الشعوب ولكن خلاف ذلك تماما عند الأنظمة الحاكمة.

fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية