رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

آثارنا من ذقن الملك توت.. لفيلم بورنو؟!


آثارنا في أزمة.. ووزير الآثار في أزمة.. وأعلى مستويات المسئولين بالوزارة في أزمة أيضا.. قيادات الآثار لو عندهم دم.. كان أغلبهم استقال.. لو النية خالصة، كان أغلبهم لبس البيجامة وقعد في البيت بعد حوادث ووقائع تهد حيل أجدعها شخصية في ديوان المسئولين الحكوميين.


أزمة لصق ذقن قناع توت عنخ آمون بالغراء.. وحدها كانت تفجر حكومة.. كارثة فيلم البورنو.. لمحترفة دعارة روسية تحت جسم تمثال أبو الهول الشهر الماضي كانت تهد الدنيا.. لكن تقول لمين؟

جرسة ما بعدها جرسة، نشرتها الصحف الإنجليزية الأسبوع الماضي.. مباشر من تحت سفح أهرامات الجيزة، بثت "الديلى ميل" على موقعها الإلكتروني، تسع دقائق من فيلم جنسي عال العال.

الفيلم صوره أجانب، وضعوا كاميراتهم، وأضواءهم، وأجهزة التصوير السينمائي، وبنوا كامب لأبطال الفليم عند الأهرامات وفي وضح النهار، لا رآهم أحد.. ولا أوقفهم أحد، ولا سألهم أحد طوال يومين تصوير: من أنتم؟، وما الذي يفعلون؟

الشهادة لله كانوا تسع دقائق زي الفل.. الشهادة لله تكنيك عالي وتصوير رائع.. الشهادة لله كانت فضيحة ما بعدها فضيحة، كانت جرسة ما بعدها جرسة.. ليست جرسة للآثار المصرية.. إنما فضيحة بجلاجل لوزارة الآثار المصرية، التي تقول إنها تحمي الآثار المصرية.

في تقرير مكتوب مثير، نشرت "الديلي ميل" صورًا لممثلة الفيلم "أوريتا".. الشهادة لله كانت صورا من النوع النّفاذ، كشفت فيها الفتاة التي يقولون إنها روسية، عن بعض أجزاء جسدها حاملة تمثال قطة من محل هدايا تذكارية مصري.

تقدر تقول قطة.. تحمل قطة.. ممكن تقول قطعة من الزبدة، تحمل قطة.. قطعة الزبدة ظهرت في الصور بلا ملابس تقريبا، وهي ترسل بقبلاتها ذات الإيحاء للعالم من مصر.. في الخلفية ظهر الهرم الأكبر.. وفي جانب الصورة اليمين، صورة لـ "أبو الهول".. رمز حضارة الفراعنة!

معظم صور أوريتا كانت مثيرة.. أكثرهم إثارة واحدة لأوريتا مع عسكري من إخوانا مجندي الداخلية، في سيلفي خاص.. العسكري ظهر ضاحكا وهو "مش على بعضه".. بينما أوريتا تضحك بإقبال على الحياة.. ونظرة للمستقبل.

قالت الديلي ميل: إن وزارة الآثار المصرية فتحت تحقيقا في الموضوع، وفي الفليم الذي صور غيلة من وراء السلطات.. وزارة الآثار في تصريحات نارية، قبل أسبوعين، قالت إنها ستحاسب المسئولين عن دخول ممثلات البورنو هضبة الأهرام، وتصوير الفليم على راحتهم.. وعلى كيف كيفهم، دون أن يقول أحد شيئا.

لكن وزارة الآثار هتحقق في أيه ولا أيه؟.. المصايب زي الرز.. والوقائع من هذا النوع زي المطر.. هل اهتمام الآثار بموضوع الفيلم القبيح.. أكثر من اهتمامها بموضوع لصق "قناع" توت عنخ آمون بصمغ "مدرسي"؟

طيب.. ماذا فعلت تحقيقات الوزارة في قصة "لصق القناع"؟.. الإجابة: لا شيء.. تفاصيل الواقعة، وكيف حدثت.. ومن الذي فعلها لا يعرفها فيما يبدو إلا الوزير.. ربما الوزير نفسه هو الآخر لا يعلم.. قبل أيام أكد أحد المسئولين بالآثار، لإحدى المجلات الأسبوعية، أن لصق القناع بالصمغ كانت قصة ملفقة؛ لضرب المؤتمر الاقتصادي.. يعني بالعربي كدة "لصق" ذقن توت عنخ آمون لم يهز لوزارة الآثار شعرة.. لم يحرك فيها ساكنا.

بعد أكثر من شهر على واقعة لصق القناع، لم يأتِ لنتائج التحقيقات ذكر على لسان وزير الآثار.. ولا في حوارات المسئولين في الوزارة.. ربنا ما يقطع لها عادة وزارة الآثار، تعلن دائما عن فتح التحقيقات في بلاوي بالويبة.. ولا تعلن عن تفاصيل التحقيقات ولا نهايتها.

واقعة القناع، مثلها مثل واقعة البنت العال العال "أوريتا".. الفيلم أحدث ضجة في مصر قبل أسابيع، أصداء الفضيحة مستمرة في الخارج للآن.. مفترض أن التحقيقات مستمرة في الداخل أيضا.. لكن لا نهايات متوقعة، ولا تفاصيل منشورة عن عقاب يشفي الغليل.

مصايب وزارة الآثار المتلتلة، أعادت الفترة الأخيرة، أصوات اقترحت تصدير آثارنا للخارج.. اقتراحات بتأجيرها لدول أوربية ومتاحف أجنبية؛ حيث اهتمام يصل إلى ما بعد التقديس.. وعائد مادي فوق المهول.

أصحاب تلك الدعوات آراؤهم وجيهة.. تقدر تقول عندهم حق.. أو تستطيع أن تقول إن هذا هو الحل في ظل ظروف محيطة، وتراخٍ حكومي، وحوادث كارثية تقع من آن لآخر.. تخيل لو قناع توت عنخ آمون معروض في اللوفر الفرنساوي.. تخيل لو قطعا قليلة من آثار ملقاة في جنينة المتحف المصري معروضة في المتروبوليتان؟

لو آثار ميت رهينة.. وبقايا التماثيل المكسرة على الأرض في "أبو رواش"، أو صوير أجّرتها الحكومة المصرية، بعقود، لألمانيا ويوغوسلافيا وفرنسا وبيلا روسيا.. ماذا يحدث؟

لا شيء، سوى أن عساكر الحراسة لن يجدوا ما يأكلون عليه إفطارهم الصباحي كل يوم.. في حديقة المتحف المصري يفرشون صحون الفول والفلافل على أرجل التماثيل الفرعونية.. وجوانبها.. يحدث هذا في سقارة، وفي الأقصر، فماذا يهم لو جت بنت روسية تمثل عريانة تحت سفح الهرم؟.. ما الذي يضير لو وقع "ذقن" قناع الملك توت.. وأعيد لصقه بصمغ من أي مكتبة قريبة؟.. ما الذي يحدثه ترميم خاطئ لهرم سقارة.. أو ترميم يغيّر ملامح أهرام أبو صوير يقوم به مقاول عمارات؟

أخبار وزارة الآثار لم تخرج السنتين الماضيتين عن اتجاهين.. إما تصريحات للوزير باستعادة آثار كانت مسروقة بالخارج.. وإما تصريحات أخرى عن آثار سرقت أو دمرت أو مثلوا عندها أفلاما جنسية بالداخل!

بعض خبراء الآثار يرون في تأجير آثارنا للمتاحف الأجنبية حلا أمثل.. البعض الآخر يتشنج، ويتشدد، ويقف، ويقوم، ويقعد.. من منطلق وطني، تراثي، قومي، عروبي.. وكلام كثير من هذا النوع.

لكن تشنجاتهم تبقى مثل تحقيقات وزارة الآثار في المصايب والبلاوي.. كلام بعيد عن الواقعية.. كلام بلا نتائج.. أحاديث مثالية عن ضرورة حماية آثارنا.. لا يتحقق منها شيء.. ودعوات بلا منطق لصيانة تاريخنا.. لا تنتج. 

لدينا أكثر من ثلث آثار العالم.. لو وزعنا ثلاثة أرباعها على نصف العالم.. ستبقى أمامنا مهمة صعبة لحماية الربع الباقي من ممثلات الجنس الروس.. ومن لصق المكتبات رخيص الثمن!!

ليعتبرها وزير الآثار دعوة للتفكير.. بدلا من إدمان التصريحات عن تحقيقات على ودنه.. بلا متهمين!

Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية