رئيس التحرير
عصام كامل

بيت الطيب


منزل فقير يكسوه الحزن والبؤسُ، يُغَطِّيه البلاستيك، يجمع في داخله عائلة كبيرة مكوَّنة من مجموعة من العائلات الصغيرة التي تَوحَّد شكلُها مع الصفيح والبلاستيك والبؤس والحِرْمان، حتى لتظن أنهم جزءٌ من الجدران أو الأسْقُف.


يكاد الفقرُ يشكو من فقْره، وتكاد المأساة تشكو من مأساته، فيه خليطٌ من بَشَر ينامون على الأرض المرسومة بالقذارة، ليس لأنهم لا يملكون حِسَّ النظافة، بل لأنَّ تركيبة البيت تأبَى أن تكونَ نظيفة مَهْمَا بُذِلَ مِن جُهْد.

يسكن إنسان بسيط اسمه "عاطف الطيب" الذي شكَّلت حياتُه مجموعة من التناقُضات، حتى كان اليوم الذي وُجِدَ فيه مَيِّتًا في ظروف غامضة، فهناك مَن ادَّعى أنه قُتِلَ، وهناك من زَعَم أنه وَقَعَ على صخرة شجَّت رأسَه، أمَّا الحقيقة فلم يهتمّ بها أحد، أو أهل الميِّت، أو حتى الشرطة وأجهزة الأمن؛ مما دفَعَ إلى اعتقاد أن هناك أمرًا خفيًّا في مَوْتِه، يتجاوز حدود الناس والأهل.

حين مات "الطيب"، لم يشعرْ أحدٌ بفُقْدانه وهذا أمرٌ مستغرب ومستهْجَن، خاصة في ذلك الوقت الذي كانت الناس فيه رغم اختلافها في المنابع والأصول والعادات والتقاليد، أوفياءَ لبعضهم، وكأنَّ فكرة الالتحام والتكافل كانت ضرورة من ضرورات البقاء والوجود.
الجريدة الرسمية