رئيس التحرير
عصام كامل

ولا عروبة ولا إسلام!


لأول مرة تجتمع غالبية ما يسمى بالدول العربية أو اتحاد القبائل الحاكمة لتلك المساحة الممتدة من مضيق باب المندب جنوبا حتى حدود البحر المتوسط شمالا لتقرر ضرب التمرد الانقلابى الحوثى الشيعى في اليمن الذي كان يحكمه رئيس لا مؤاخذة إخوانى يردد نفس مقولة مرسي وجماعته في مصر..(الشرعية) والتي صارت مدخلا للتندر والفكاهة حتى بين بعض المنتمين نفسيا أوعقائديا للإخوان في مصر لبعد تلك المقولة عن سياسة المر أو الأمر الواقع التي لم يعرف العرب غيرها طوال تاريخهم الطويل، فمنذ حرب البسوس في الجاهلية مرورا بالفتنة السياسية التي قادها معاوية بن أبى سفيان بن حرب ضد على بن أبى طالب كرم الله وجهه والتي حولت الحكم الإسلامى الجديد لتحكم قبلى أسرى مقيت في خلق الله، لم يتخل العرب عن عشقهم الأول والأخير للتمكن والتحكم وسبى كل من هم أضعف منهم.


لم ينصاعوا لمساواة الإسلام وعدله أو ثوريته وتقدميته على العبودية والرق، بل إنهم صبغوا كل عادة قبلية عندهم بالإسلام ظلما وتبجحا، وها هم مرة أخرى يجتمعون ضد فصيل شيعى ولائه الأول والأخير لإيران الشيعية..حسنا فالعرب يقومون الآن بعمل عظيم جدا، فهاهم يشترون أسلحة بمليارات الدولارات حتى ينقذوا الاقتصاد الأمريكى من عثرته وها هم يبدون ثروتهم من أجل إنقاذ عروش قبلية لا يهم سنة أو شيعة أو أي وهم زرعوه بنجاح في عقول الإخوة دعاة السلفية الذين يظنون أن الأمر دفاعًا عن سنة رسول الله !

سنة رسول الله كانت عدلا ورحمة وإخاء وملاذًا لأهل الصفة الفقراء ولم تعرف تخمة الكبسة التي يلقى أثرياء الخليج منها في القمامة ما يكفى لإطعام فقراء المسلمين في العالم كله، فمن يصدق أنهم تجمعوا إذن ضد خطر التشيع والحفاظ على الإسلام المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في أحسن الأحوال أبله... أما من يعتقد أن الشيعة وتلك التيارات العبثية التي اتخذت من التحزب لفرد والتشيع له دينا همه الأول وغايته عبادة كرسى الحكم أيضا... فهو لا يقل بلاهة عن سابقه ولكنه يزيد عنه تعصبا وتخلفا ورجعية تخلى عنها العالم المتحضر من قرون عديدة.

إنه إذن عالمنا العربى الذي يتميز عن سائر دول العالم بأنه يعادى نفسه ويمزق حدوده ويفتتها دون مؤامرات خارجية فهو كفيل بذلك وحده، فمن يتفكر قليلا يرجع بذاكرته لصدور وعد بلفور في 1917 ليرى العرب لم يتوحدوا لمدة تقترب من 100 عام وتركوا فلسطين فريسة لعصابات صهيونية عنصرية وتجمعوا اليوم ضد عصابة الشيعة الحوثيين.... حسنا ما يهمنا فقط هو حالنا كمصريين.

لقد تجمعت قطر مع باقى دول الخليج ومع مصر من أجل مصالح مشتركة وإذ فجأة تحول الإخوان في اليمن لوسطيين يحملون مشعل الإسلام الوسطى المستنير... تكبير، الله أكبر.. الكل يدافع عن الشرعية الإخوانية في اليمن ويعادى الانقلاب الحوثى الشيعى، عادى جدا، المصالح تجعل من إبليس نفسه شيخًا ورعًا تقيًا ولو لبضعة أيام حتى تحافظ الأسر السنية الحاكمة على مقاعدها في شبه الجزيرة... لا ضير لكن المهم هو أن يحصل صانع القرار المصرى على أكبر مكاسب ممكنة علنية أو حتى سرية للمصريين، والأكثر أهمية أن تترجم في صورة سياسات تخدم المواطن الفقير وغالبيتنا كذلك، أما عن العروبة والإسلام فتلك كلمات استهلاك محلى لا تنطلى إلا على من يعشق خداع نفسه، فأما العروبة فنشعر بها ونتغنى بها صدقًا عندما تعتبرنا دول الخليج مثل أي أوربى أو أمريكى وتسمح لنا بدخول أراضيها المقدسة دون تأشيرة، وأما الإسلام فله رب يحميه ولقد نزل الذكر ووعد بحفظه ولم يختص به الإخوة العرب فقط !
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية