رئيس التحرير
عصام كامل

فضائح مسابقة الـ30 ألف معلم تكشف مراكز القوى والضعف في «التعليم».. التضحية بـ«مدير البوابة الإلكترونية».. «الجنرال» قاد الأمور إلى الفشل.. وجلسة ودية مع مدير مكتب الوزير


ما شهدته وزارة التربية والتعليم خلال الأيام القليلة الماضية، يؤكد أن «العشوائية وحماية الكبار» هما عنوان إدارة الأمور داخل وزارة بحجم دولة تضم أكثر من 8 آلاف موظف داخل ديوانها العام، ومسئولة عن أكثر من 18 مليون طالب وطالبة وأكثر من مليون و600 ألف معلم.


كبش فداء
فما كشفت عنه إجراءات مسابقة الـ30 ألف معلم، وتبعياتها يؤكد أن الأمور تدار بنفس العقلية القديمة، حيث اختصرت الوزارة مشاكل المسابقة وفضائح التزوير وسوء التنظيم في إحالة محمد رفعت، مدير البوابة الإلكترونية بالوزارة، وأحد المسئولين عن مسابقة الـ«30 ألف معلم» إلى التحقيق، لصعوبة وصول المتقدمين في المسابقة إلى معرفة نتيجتهم على الموقع الرسمي للوزارة، السبت الماضي بعد الإعلان عنها.

وقال الدكتور محب الرافعي، وزير التربية والتعليم، تعليقا على ذلك، إنه أحال رفعت إلى التحقيق بسبب عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تحقق أفضل خدمة للمواطنين في الكشف عن أسمائهم، لافتا إلى أنه سيتم تكليف محسن عبد العزيز رئيس الإدارة العامة للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات باستكمال باقي مراحل المسابقة.

أخطاء بالجملة
هكذا كان رد الوزارة على الفضائح التي كشفت عنها نتيجة المسابقة، وبعد التحقيق مع محمد رفعت في الشئون القانونية بالوزارة لمدة 5 ساعات تم نقله إلى وظيفة أخرى بالمدينة التعليمية بالسادس من أكتوبر، مسئولو التعليم لم يشيروا إلى أن رفعت تم تكليفه بالمسابقة بعدما وصلت الأخطاء في المسابقة أيام الوزير السابق إلى حد لا يمكن تحمله، ففي بداية إجراء المسابقة كان الدكتور محمود أبو النصر الوزير السابق قد شكل لجنة لإداراتها برئاسة اللواء نبيل عامر مستشار الوزير السابق والوزير الحالي للتنمية الإدارية بالوزارة، وضمت اللجنة في عضويتها كلًا من محمد سعد بوصفه مشرفًا على قطاع التعليم العام وقتها، ومحسن عبد العزيز بوصفه رئيسا للإدارة المركزية للإحصاء والتكنولوجيا بالوزارة ومدير شئون العاملين وبعض قيادات الوزارة.

اختلاف القيادات
منذ الاجتماع الأول لأعضاء لجنة المسابقة بدأ الاختلاف بينهم، ففي الوقت الذي رأي فيه أغلب أعضاء المسابقة على ضرورة إصدار إعلان مفصل يضم احتياجات المديريات الفعلية، والتخصصات التي تعاني عجزًا في المديريات والاشتراطات المطلوبة والمؤهلات وكافة التفاصيل، وهو ما كان سيؤخر إعلان المسابقة ليوم آخر، إلا أن اللواء نبيل عامر منفردًا كان له رأي آخر، وهو أن يتم طرح إعلان مجمل عن المسابقة، وأن تقدم الأوراق بالمديريات التعليمية، وأصر على رأيه وبالفعل رضخ وزير التربية والتعليم السابق لرأيه، وتم إصدار إعلان مجمل عن المسابقة، ولكن منذ اليوم اتضح خطأ هذا الرأي حيث توافد على المديريات التعليمية الآلاف لتقديم أوراقهم للمسابقة.

تلفيات بالمديريات
وحدثت تلفيات كبيرة في العديد من المديريات، فما كان من المسئول عن المسابقة اللواء نبيل عامر، إلا أن أصدر قرارًا بإمكانية التقديم الورقي والإلكتروني عبر موقع الوزارة، وكانت هذه كارثة حيث لم تكن الوزارة مستعدة عبر موقعها إلى استقبال بيانات المتقدمين وفرزها بشكل دقيق، وتنفيذا لرغبات "الجنرال" –كما يسميه موظفو التعليم- وتم إعداد برنامج استقبال المتقدمين في ساعات قليلة، وكشف اليوم الأول عن عدة كوارث، حيث كان يتيح البرنامج لأي شخص أن يدلي ببياناته لمجرد أن يضع 14 رقما في خانة الرقم القومي، دون أن يكتشف البرنامج هذا التزوير، كما كان يحق لأي شخص أن يسجل بياناته أكثر من مرة، ولذلك عطلت الوزارة التقديم الإلكتروني لمدة يومين لحين إصلاح الخلل.

العشوائية
وفي ظل هذه العشوائية وعدم التخطيط للمسابقة وإصرار اللواء نبيل عامر على سماع رأيه فقط، طلب كل من محمد سعد ومحسن عبد العزيز وغيرهم الانسحاب من لجنة المسابقة اعتراضا على سياسات "اللواء"، وبالفعل كان لهم ذلك ومع الأيام بدأ الضغط يزيد على المديريات وبدأ التخبط بين المتقدمين بسبب التضارب وانتهى الأمر إلى أن قررت الوازرة أن يكون التقديم إلكتروني فقط، واعتمدت الوزارة في ذلك على إدخال البيانات، فكان يحق لأي شخص أن يدخل أي بيانات، وبناء على ذلك تم اختيار العديد من المزورين، وفقًا للحسابات التي اعتمدتها الوزارة وأدخلتها عبر الحاسب الآلي.

محمد رفعت ينقذ الوزارة
ومع زيادة الضغط على الوزارة من قبل المتقدمين للمسابقة، وكثرة الشكاوى ووسط زيادة أشغال اللواء نبيل عامر، المسئول عن صفقة التابلت بالوزارة، كان لا بد له من اختيار من يواجه الجماهير ومئات المتظاهرين يوميا أمام الوزارة، فلم يكن أمامه غير محمد رفعت وبعض القائمين على البوابة الإلكترونية للوزارة، وبالفعل نجح هؤلاء في امتصاص غضب الجماهير، وإن لم ينجحوا في الاعتماد على "سيستم" يمكنهم من كشف المزورين، وفي تلك الأثناء قرر الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم السابق، استبعاد أحد أعضاء مكتب المتابعة بالوزارة، والذي كان مكلفا بالتحقيق مع اللواء نبيل عامر في مخالفات صفقة التابلت؛ وبقدرة قادر اختفى ملف صفقة التابلت وأغلقت التحقيقات فيه داخل الوزارة بعد اجتماع اللواء مع الوزير السابق لمدة ساعة ونصف الساعة.

اجتماع مغلق
سيناريو مشابه تكرر من اللواء، عندما اشتدت المطالبات بإحالة المسئولين عن مسابقة الـ30 ألف معلم للتحقيق، حيث عقد اللواء نبيل عامر اجتماعًا مغلقًا مع اللواء حسام أبو المجد رئيس قطاع شئون مكتب الوزير (المسمى الجديد لمنصب مدير مكتب الوزير في الهيكل الجديد للوزارة)، استمر هذا الاجتماع قرابة الساعة، وبعده بساعات قليلة صدر قرار عن وزير التعليم الحالي الدكتور محب الرافعي بإحالة محمد رفعت إلى التحقيق باعتباره المسئول عن فشل المسابقة، وبقي اللواء نبيل عامر آمنًا في مكتبه الأنيق بالوزارة.
الجريدة الرسمية