رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بلا حرية بلا قلة أدب !



أحيانا كثيرة يكون الكاتب مدركا وواعيا بدرجة لا تقبل الشك أن ما يكتبه لن يؤثر قيد أنملة في القرار السياسي خاصة في ظل ظروف استثنائية صارت تراثية طويلة الأجل مثل التي تحياها مصر منذ سنوات بعيدة ممتدة لأكثر من نصف قرن، حيث إن القرار فردى كان وسيظل حتى في ظل وجود مجالس نيابية شكلية أو اتحاد اشتراكي أو غيره.. نحن محكومين نفسيا واجتماعيا وسياسيا برؤية أحادية فردية إن غابت بكى الكثيرون وندبوا حظهم العاثر على غيابها!


لا تندهش فالمصريون الذين شاهدوا نبلاء الثورة يعانون البرد والقتل والسحل والمؤامرات من فوق مقعدهم الوثير في دفء متصنع أثناء يناير 2011، ظنوا سوءًا بالثورة وحريتها وضاقوا ذرعا برحابتها وأرقتهم أحلام الحرية حتى ظنوها كوابيس، بحثوا هم بأنفسهم عن من يسلبهم تلك الحرية بانتخاب تيارات متشددة دينيا وساذجة سياسيا، لا تنسى أن حزب النور السلفى المتشدد هو من اكتسح أول انتخابات بعد ثورة الحرية الموءودة، ثم ضاق نفس الناخبين بتيار الإسلام السياسي وثاروا عليه حتى وصل بنا الحال لمرحلة ما بعد 30 يونيو 2013 وتطلع المصريون لرجل أوحد قوى يفرض كلمته وسطوته وقراره على الجميع...( بلا حرية بلا قلة أدب ) سمعتها كثيرا من أناس محيطين بى، لذا فالرئيس صاحب القرار الأوحد في ظل عدم وجود برلمان أو هيئة منتخبة من الشعب لديه مؤيدون حقيقون كثر بقدر وجود معارضين له أيضا لن تسمع لهم صوت بفعل التوحد في الخطاب الإعلامي !

إذن لماذا تكتب أنت وغيرك ممن يحملون رؤى مخالفة لهذا التوجه العام في كثير من الأمور... بكل بساطة لأننا كثيرا نكتب للتنوير ولله وللوطن ولإثبات كلمة نظنها حق للتاريخ وشهادة سيحاسبنا عليها أطفال اليوم شباب الغد القريب.. وبالطبع نسعد جدا إن سمع بنا أو عنا الرئيس أو من ينقلون له ما يدور في الفضاء الإعلامي.

و حق علينا أن نكتب هذه المرة عن المخاوف المشروعة من العطش القادم من كارثة سد النهضة الإثيوبى الذي وقعت مصر ممثلة في رئيسها على اتفاق مبادئه العامة والتي لم تلزم إثيوبيا بالحفاظ على الحقوق التاريخية والإنسانية لشعب مصر.. فقط أقرت (باحترامها) لحقوق مصر متناسين أن القانون الدولى لا يعرف سوى القيود والشروط ولا يكترث كثيرا بالعبارات الفضفاضة أو الودية أو المجاملة !

بالطبع كانت هناك إيجابيات ورسائل سياسية موجهة للعالم من أن النظام المصرى نظام متعاون ومسالم وودود ويسعى للمحافظة على مصالح الغير ولكن.. أين مصالحه هو وأين مصالح الشعب الذي ينتهى وجوده بجفاف النيل قولا واحدا غير ذى تكلف أو مغالاة، فنحن لسنا بقادرين ماليا أو لوجيستيا على إنشاء محطات تحلية مياه مالحة عملاقة تعوضنا عن مليارات الأمتار المكعبة من المياه التي ستملأ السد في سنوات مهما قصرت طويلة وكارثية على المصريين، ولذلك انتقد الكثيرون وكاتب المقال منهم، عدم وجود مشروعات تنموية حقيقية في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى. فلقد كان أولى بنا إنشاء محطات تحلية عملاقة على البحر الأحمر والمتوسط ممولة خارجيا من مستثمرى العقارات الترفيهية وموزعة ديموجرافيا لتدارك نقص المياه المتوقع قريبا جدا... ولكن حمى رفاهية الأغنياء لم تكترث بعطش الوطن القادم.

لأول مرة أشعر بأن القلق يسود الشعب المصرى حتى من يؤيدي الرئيس سبقا ومقدما وعلى بياض لدرجة أن رجل الرئيس الأول في الإعلام إبراهيم عيسى، لم يستطع إخفاء قلقه وتأثره بأن مصر تنازلت كثيرا لدولة السد ولكنه تدارك موقفه بإظهار إيجابيات حديث الرئيس الودى للشعب الإثيوبى والسودانى.

نعم الرئيس كان ودودا ومهذبا ومسالما وراقيا في حديثه مع الأفارقة الذين ابتعدنا عنهم كثيرا ولكن.. ماذا لو لم تحترم إثيوبيا ما وعدت باحترامه أو فسرت احترامها بأشكال مغايرة وبمناهج وطرق ملتوية تؤدى بنا لكوارث لا تتحملها مصر أو المصريون.. نريد تفسيرا عاجلا من مؤسسة الرئاسة وتوضيح أكثر لهذا الكلام المبهم.
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية