رئيس التحرير
عصام كامل

عيد الأم


تشغلني العلاقات الإنسانية بقدر كبير، وأهتم بتحليلها دائما واستخلاص العبر والدروس منها، وأعلم أنه من الطبيعي أن تختلف الرؤى وتتباين الممارسات بين الناس في كل شيء، حتى في عيد الأم، ولذلك حاولت رصد بعضًا من تلك السلوكيات:


- بالرغم من أنها مناسبة للاحتفال بأمهاتنا، نقدم فيها الهدايا لست الحبايب للتعبير لها عن حبنا، تجد البعض ينظر لذات المناسبة على أنها بدعة وأنه لا يجوز الاحتفال بها أصلًا، لذا يحرمون تقديم الهدايا للأم في هذه المناسبة ومنهم من يرونها مكروها، على الرغم من أنه أمر من أمور الدنيا أصبح عرفًا يقره المجتمع ولا علاقة له بالدين أصلًا، هنا يطرح السؤال نفسه: أتمتنع عن زيارة أمك وتأبى أن تقدم لها هدية في هذا اليوم وقد يؤلمها تصرفك، وتعتبره فرط ورع وزيادة تقوى؟ أم تظنه تنطعا؟

- بينما تعد هذه مناسبة سارة، إلا أنه يوم حزين على قلوب البعض؛ بسبب فقدهم لأمهاتهم أو أبنائهم، يتحول اليوم في نفوس هؤلاء ليوم كئيب، أعذركم وأقول لكم: عظم الله أجركم وأنزل السكينة على قلوبكم، لكن ما يشغلني حال الصغار من حولكم كأن تبكي أم أمها في هذا اليوم وتنسى فرحة صغارها بها، هذا غير تأثير الحزن على نفوس الصغار وتأثرهم لحال أمهم، فيفقدون الفرحة دون ذنب.

- يفرح الصغار فرحة غامرة وهم يقضون وقتا طويلًا في مدرستهم يوم عيد الأم، يعدون كارت معايدة لأمهاتهم يرسمون فيه من مخيلتهم ويكتبون كلماتهم البسيطة التي تترجم مشاعرهم المتدفقة الجياشة، لو نظرت لعيونهم لوجدت لمعة عجيبة من فرحتهم وهم يقدمونها لأمهاتهم، وقد لا يلتفت الأهل لأهمية إبداء إعجابهم بتلك الهدية، لذلك انتبهوا لتلك المشاعر فلابد أن تعبروا لأبنائكم عن فرحتكم بهديتهم وامتنانكم لهم على ذلك، ومن الأمور المهمة أن تحفظوها للذكرى باهتمام بالغ حتى يصل لأطفالكم صدق مشاعركم وتقديركم لهم.

- أمر طبيعي أن تكون هدية البسطاء بسيطة، وقد تكون لا شيء ولا تهم، المهم ألا يصل انطباعكم هذا لهم، صحيح أنها هدية لا تعني لكم شيئًا، إلا أنها تعني لهم الكثير، ربما حرموا أنفسهم وأهلهم كي يقدمونها لكم، لذلك استقبلوها بعيونهم لا بعيونكم.

- أمر هام أن يعبر الزوج لزوجته عن حبه واهتمامه بها، وجميل أن يحتفل بها في هذا اليوم وأن يقدم لها هدية تتناسب مع إمكانياته، فلا ينبغي أبدًا أن تكون سبب إرهاق مادي له، ولا يصح أن تكون زهيدة بالرغم من أنه ثري، لكن من المؤسف أن يتحول الموضوع من مودة وحب ليصبح ماديا بحتا، فتنظر الزوجة للهدية وتقيمها بقيمتها المادية وتقيس مدى حبه لها بثمن الهدية، ومن الخطأ أيضًا أن تقارن بين هديته وأي هدية أخرى، فيتحول الاحتفال لساحة معركة، فهذا من شأنه ترك ذكريات سخيفة مؤلمة في النفوس تؤثر سلبًا على علاقتهما.

- أما عن الحماة - التي ظلمها المجتمع فاقترن اسمها بالقسوة والغلظة - ينسى الناس أنها في الأصل أم، فتراهم يتعجبون من محبة زوجة ابنها لها ومعاملتها لها بإحسان ومودة، فتحرص على تقديم الهدية اللائقة لها في مناسبة كعيد الأم، ويزدادون تعجبًا من برها ومحاولة إسعادها بشتى الطرق، ولما لا فهي أم الزوج الحبيب، وهي أم الزوجة الغالية، وبالحب والمبادرة بالكلام الطيب يسعد الجميع.

وبعد عرض تلك النماذج، أتمنى ألا تفقد تلك المناسبة الرائعة معناها وقيمتها، فما أجمل التعبير عن حبنا وتقديرنا لأمهاتنا ليس يوم عيد الأم فقط بل كل يوم، ويا رب أعنا على بر آبائنا وأمهاتنا وإسعادهم دائمًا.
الجريدة الرسمية