رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس والانتخابات ودم المصريين


هل سلامة وكرامة الشعب المصرى أهم من الانتخابات أم أن السلطة الحاكمة الجديدة لا ترى فى كمية الاحتجاجات وتصاعد صرخات الغضب فى المحافظات المصرية وآثارها المأساوية من سقوط شهداء ومصابين وعمليات حرق وإتلاف مؤسسات الدولة والمواطنين أمر يستحق الاهتمام والتوقف لدراسة ماذا يحدث فى مصر أم أن السلطة لا ترى شيئًا سوى التمكين لنفسها والسيطرة على كل شىء حتى لو سالت كل دماء الشعب المصرى؟


والأهم هل المؤسسات المنتخبة قادرة على العمل والإنتاج فى ظل هذا الاحتقان السياسى أم ماذا؟ فما يحدث يعكس شيئًا واضحًا لا جدال فيه.. الرئاسة مُصممة على إجراء الانتخابات مهما حدث ومها كانت الآثار ولا تهتم بالاحتجاجات والاعتصامات، بالعكس تُحاول أن ترسل رسالة واضحة افعلوا ما شئتم إرادتنا نحن الأعلى القادرة على فعل ما تريد.

لم يسأل الرئيس مرسى نفسه وهو القادم من فصيل المعارضة ماذا يحدث ولماذا يرفض البعض قانون الانتخابات بل يشككون فى دستوريته بعد تمريره السريع فى مجلس الإخوان وأتباعهم الشورى سابقًا، والأهم من ذلك لماذا يصر الرئيس على تجاهل القوى السياسية ولا يتشاور معهم قبل إصدار القانون؟ بالعكس هو يفعل ما يشاء ثم يطلب من الجميع الحوار لتنفيذ القرار، فهو كم يفعل الجريمة ويُطالب بالتعاون لحلها.. والأهم لماذا يصر الرئيس على إقصاء الجميع من المشهد السياسى؟ فعندما أرسل دعواته لجلسة حوار حول نزاهة الانتخابات، أصوات كثيرة من الحاضرين طالبوه بإعادة إرسال القانون لدستوريته حتى لا يُهدد البرلمان المقبل بالحل وتتكرر المأساة السابقة، والأهم كيف تثق المعارضة بالرئيس وهو يمارس معهم أبشع سياسات التصفية والإقصاء السياسى؟

الرئيس أصبح يعيش فى جزيرة منعزلة يتحصن بقصور الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين وفى مشهد الانتخابات الحالى ضرب بأصوات ونصائح شركائه فى تيار الإسلام السياسى عرض الحائط، فأغلب أحزاب التيار السلفى نصحت الرئاسة بوقف الانتخابات لفترة قليلة فى محاولة لتهدئة الأوضاع سياسيًا ومحاولة الحوار مع الجماهير الغاضبة من الانتخابات وقانونها المعيب ودوائره التى فُصِّلت على مقاس الحزب الحاكم وإعادة تشكيل حكومة محايدة تشرف على العملية الانتخابية، ولكنه كعادته لا يستمع سوى لنفسه وتعليمات مكتب الإرشاد، ويرى أن الانتخابات هى الحل الوحيد للقضاء على كل أزماته، ونذكره هنا أن الاستقرار فى مصر لن يحدث نتيجة انتخابات بل هو سياسات وقرارات ورؤى واقعية نحو المستقبل.

عندما تحترق محافظات وتسقط الأرواح وتغرق الشوارع بدماء المصريين وتعلن حركات العصيان المدنى والدعوات لانفصال بعض الأجزاء عن مصر، والأهم هو الرسالة القوية المطالبة بعودة الجيش وتحرير توكيلات لوزير الدفاع لإدارة شئون البلاد، فنحن نعيش عصر الرئيس المعزول شعبيًا الذى لا يقدر قيمة ما يحدث فى وطنه ويسخر من كل ما يحدث، ويصر على إجراء انتخابات فى ظل هذه الأوضاع، فهو كمن يسكب البنزين على النار ويتساءل ببراءة من يحرق مصر فهل شاهدتم عبثًا كالذى نعيشه فى مصر؟

مصر كلها على صفيح ساخن، ولكن الرئيس وحكومته لا يستمعون سوى لأنفسهم ويمارسون سياسة عدائية ضد الشعب.. وأقولها فى النهاية للرئيس: افعل ما تشاء فمصر لن تسقط أبدًا ولن تحتل، وتوهمك أن الانتخابات هى الاستقرار وهم وأنت كالذى يصعد على جثث المصريين.
dreemstars@gmail.com
الجريدة الرسمية