رئيس التحرير
عصام كامل

لن تخدعونا بعد الآن


كثير من مواطني أمتنا العربية وقعوا فريسة داخل الشبكة التي نصبها نتنياهو وأوباما.. فصدقوا أنهما على خلاف، وأن نتنياهو أصبح خصمًا لأوباما، فزرعوا بداخلنا أن أوباما - الذي حمله الإعلام الصهيوني ليكون رئيسًا لأكبر دولة في العالم - أصبح خصمًا لإسرائيل! والسبب في هذا الادعاء المزعوم له أغراض، سنكشفها الآن.


لقد كشف خطاب نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي المستور.. وهو كثير.. أوله أن كاتب خطاب أوباما هو الصهيوني الخفي الذي يكتب خطابات نتنياهو.. أي أن الوعاء الفكري واحد.. والإستراتيجية واحدة.. وإليكم كشف المستور:

التقى خطاب نتنياهو مع خطاب أوباما الأخير عن الإرهاب - والذي سبق أن حللناه في مقالات ثلاثة سابقة - في 8 نقاط من مجموع 21 نقطة طرحها نتنياهو.. هذه النقاط الثماني استغرقت وقتًا زمنيًّا وصل إلى أكثر من نصف المدة الزمنية للخطاب ككل.. أي أن نتنياهو يتفق تمامًا مع نفس رؤية أوباما وأمريكا.. وهذا في حد ذاته يكشف لنا أن هناك خفايا وراء زعم مخاصمة نتنياهو لأوباما.. وسأكشف لحضراتكم أربع نقاط فقط:

النقطة الأولى: نتنياهو يحرض الشعوب على الحكام مثلما فعل أوباما.
لقد حرض نتنياهو الشعب الإيراني على رئيسه.. كما حرض أوباما الشعوب العربية - بما فيها مصر - على رؤسائها، ليؤكد لنا هذا التوجه أن المشروع الصهيوأمريكي يسير متماسكًا.. وبنفس أسلوب أوباما سار نتنياهو.. حيث النعومة والتلطف وإستراتيجيات التأدب في الخطاب قائلًا: (إن الشعب الإيراني يتمتع بالكثير من المهارات.. وأنه وريث حضارة من أهم حضارات العالم).. وبعد أن مهّد قفز لينقض بالشعب الإيراني على حاكمه قائلًا: (ولكن في عام 1979م تم اختطاف الإيرانيين من قبل قادة دينيين.. فرضوا عليهم دكتاتورية وحشية.. وفي هذا العام سنّ هؤلاء القادة الدستور الإيراني.. وقاموا بالثورة ليس لحماية إيران.. ولكن للقيام بمهمة الجهاد.. ودعا آية الله أنصاره إلى تصدير الثورة إلى العالم برمته).. وهكذا يتفق نتنياهو وأوباما على أن محاربة الأنظمة تكون بيد الشعوب.. أي حروب الجيل الرابع.

النقطة الثانية: نتنياهو حرض على الإسلام وجعله أساس الإرهاب مثلما فعل أوباما.
على نفس النهج المحرض على الإسلام.. ليكون هو وعاء الإرهاب.. سار نتنياهو الذي جعل إيران هي الوجه المعبر عن الإسلام المتشدد.. فأخذ يحرض على الإسلام من خلالها.. مستخدمًا علاقة المقابلة بقوله: (إن الوثيقة المؤسسة لأمريكا تَعِد بالحياة والحرية والسعي إلى السعادة.. أمّا الوثيقة المؤسسة لإيران فإنها تتعهد بالموت والطغيان والسعي إلى الجهاد).. ويظل هكذا حتى يصل إلى أن الفارق بين داعش وإيران أن الأولى تنظيم الدولة الإسلامية، والثانية هي الجمهورية الإسلامية.. وزاد من تأكيداته على هذا الهدف بوسيلة أكثر إقناعًا ألا وهي التناص القصصي.. حيث ذكر وضع جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني إكليلًا من الزهور على قبر عماد مغنية قائلًا: (إن عماد مغنية هو الإرهابي المخطط الذي أراق دماء الأمريكيين أكثر من أي شخص آخر بخلاف أسامة بن لادن، وهذا لا يدعو إلى الدهشة؛ لأن أيديولوجية النظام الثوري الإيراني متجذرة بعمق في الإسلام المتشدد.. ولذلك فإن هذا النظام سيكون دائمًا عدوًا لأمريكا).. وبهذا فإن نتنياهو قد نسج شبكته التي من خلالها سيعمل على تبرئة أوباما أمام الكونجرس من تهمة رعاية الإرهاب الداعشي في المنطقة.

النقطة الثالثة: نتنياهو أكد على أن الشرق الأوسط هو منبع الإرهاب مثلما فعل أوباما.
وهنا استخدم نتنياهو الأسلوب الإنشائي ليكون أكثر وضوحًا ومباشرة فقال: (أدعو شعوب منطقة الشرق الأوسط أن يختاروا طريق الحرية الذي لا تظلله الانتخابات فقط – في إشارة إلى مصر – ولكن عندما تسمح الحكومات بالاحتجاجات، وعندما لا يتم سحق حقوق الإنسان، وإسرائيل اختارت دومًا طريق الحرية).. وهذا القول تأييد آخر لأوباما أمام الكونجرس.. لأنه يؤكد على أن الإرهاب الداعشي صنيعة القمع الموجود في الشرق الأوسط.

النقطة الرابعة: نتنياهو يبرئ أوباما ويكشف حقيقة زيارته للكونجرس عن طريق المقاربات.
بعد أن حلّق نتنياهو.. وحام حول هدفه الرئيسى من الزيارة، وتعمد إشاعة جو الخصومة مع أوباما، اقترب وأصاب هدفه بقوة؛ حيث تمت تبرئة أوباما أمام الكونجرس بما يجعل مساءلة أوباما لاحقًا أمرًا مستحيلًا، ولذا فقد قال نتنياهو متحدثًا عن داعش وإيران: (الفارق أن تنظيم الدولة الإسلامية – داعش – مسلح بسكاكين الجزارين والأسلحة المستولى عليها واليوتيوب، بينما من الممكن قريبًا أن تكون إيران مسلحة بصواريخ عابرة للقارات وقنابل نووية). وأخذ يزيد من تأكيد هذه النقطة عن طريق التوجيه المباشر بقوله لأعضاء الكونجرس: (سأقولها مرة واحدة، علينا أن نتذكر المخاطر الكبرى التي تواجه العالم من تزاوج الميليشيات الإسلامية والأسلحة النووية، وأقولها لكم، إذا قررنا أن نهزم داعش ونترك إيران لتحصل على الأسلحة النووية؛ فسيكون الأمر بمثابة الفوز بالمعركة، ولكن خسارة الحرب بأكملها، ولا يمكننا أن نسمح بذلك – تصفيق حاد من الكونجرس).. وبهذا التصفيق الحاد فقد نجح نتنياهو في دحض كل الاتهامات الموجهة إلى عميل إسرائيل الأول أوباما، وتبرئة إسرائيل كلية من تهمة صناعة الإرهاب مع أمريكا، وبتصفيق الكونجرس فقد حصل أوباما على صك التبرئة، ولو أن نتنياهو دخل إلى الكونجرس عن طريق البيت الأبيض لما كان له كل هذا التأثير، وهذا ما دفع نتنياهو لأن يرسخ لهذا التوجه فقال بوضوح أشد: (إن جيران إسرائيل وجيران إيران يعرفون أن إيران ستصبح أكثر عدوانية، وسترعى المزيد من الإرهاب.. إن إيران هي الراعي الأكبر للإرهاب)... ملعوبة صح.
انتظروا مقال الثلاثاء القادم لنكشف المستور حول الحقائق التي ذكرها نتنياهو، والأسئلة التي تحتاج إلى إجابة من القادة العرب.
الجريدة الرسمية