رئيس التحرير
عصام كامل

سلفي للرئيس في تسع دقائق


بنفس الحب والولع بالتقاط صورة سلفي للرئيس عبد الفتاح السيسي، لابد لنا أن نلتقط صورة سلفي للخريطة الذهنية للرئيس، وتكون بنفس درجة نقاء الصورة الديجيتال؛ حتى يصبح بإمكان كل منا أن يجيد توقع ما سيصدر عن رئيسنا من قرارات، ولا نترك أنفسنا للشائعات، وهذه غاية أسعى إلى تحقيقها مع حضراتكم.


لقد كشفت لنا كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في ختام فعاليات المؤتمر الاقتصادي (مصر المستقبل) في شرم الشيخ عن جوانب مهمة في شخصية سيادته، وأدعو كل من يتعامل مع الرئيس عن قرب أن يعيها جيدًا، وكذا كل من يتعامل مع سيادته بشكل غير مباشر.

أولا: الرئيس عبد الفتاح السيسي يتعامل مع المواقف بنظام السيناريوهات والحلول البديلة:
لقد تعودنا أن يختتم السيسي كلماته بهذا المصطلح المستحدث في قاموس الخطاب الرئاسي (تحيا مصر)، أما وأن الرئيس السيسي سيلقي الكلمة الختامية دون البدء بالسلام الجمهوري؛ فصعب عليه أن يبدأ دون حل بديل، ومن ثم عمد إلى البدء بـ(تحيا مصر)، وهذا يعكس لنا أن الحلول البديلة منهج عند السيسي.

ثانيًا: السيسي يعطي كل ذي حق حقه:
فلم يبدأ كلمته إلا وأصحاب الحق بجانبه، ومن ثم فقد دعا الشباب لأن يقفوا بجواره، في إشارة إلى دورهم، وهذا يؤكد لنا من جديد أن السيسي لا ينسى من وقف بجانب مصر، ومن وقف ضدها.

ثالثًا: السيسي ِملْك لمصر.. ولا وقت عنده إلا لمصر:
لقد أحسن السيسي إدارة الموقف من خلال وسائل الضبط اللغوي، والتي بدأها بروح الدعابة وصوت ضحكاته عندما قال للشباب بعد أن صعدوا وسلموا عليه: (طيب إحنا عايزين نتكلم)، ولما همّ أحد الحاضرين أن يتشعب بالحديث عن الشباب استخدم السيسي وسيلة الضبط اللغوي من خلال اللغة الجسدية بإشارة يده الدالة على قوله (انتظر)، وباللغة اللفظية من خلال قوله للمتحدث بالقاعة: (طب استنوا عليّ بس علشان أكلم الناس اللي موجودة)، وهذا النهج يوضح لنا كواليس تعامل السيسي مع من يقابلهم، فلا وقت لديه إلا لمصر وتحقيق أهداف مصر، ولذا فقد كرر البسملة مرة ثانية في إشارة منه إلى الحضور بضرورة عدم المقاطعة والدخول في التفاصيل الجادة.

رابعًا: السيسي يستشير ولكن لا ينفذ إلا ما يؤمن به:
وقد وضح هذا من خلال اعترافه بأن فريقه أعد له الكلمة الختامية، ولكنه أبى إلا أن يتحدث إلينا بما يراه الأنسب، وهذا يكشف لنا كيفية تعامله مع فريقه الرئاسي: (الحقيقة همّ مجهزين كلمة كالعادة، لكن أنا عايز أكلمكم حديث أنا رتبته مع نفسي لكم).

خامسًا: السيسي يصمت أثناء العمل.. ويتحدث عند انتهائه:
ربما تساءل أحدنا لماذا لم يبدأ السيسي بحديثه التاريخي عن مصر الحضارة في كلمته الافتتاحية، والإجابة أتى بها السيسي في ختام المؤتمر؛ لأنه أراد أن يقدم الفعل من خلال نجاح تنظيم المؤتمر وصفقاته، وهنا يصبح لكلمته التاريخية أدلة حالية شاهدة ومبرهنة على صدقها، ومن ثم تحدث عن مصر صاحبة السبعة آلاف سنة، وبعثتي اليابان وكوريا اللتين أتيتا لينهلا من تجربة الدولة المصرية حينها.

سادسًا: السيسي في أحلامه ينظر بعين إلى السماء وعين إلى الأرض:
السيسي رجل حرب، يحلم ويسعى إلى بالنصر، ولكن وفقًا لآليات أرض المعركة التي تحتم عليه ألا يؤمل جنوده بما ليس واقعًا، ولذا فقد كان السيسي دقيقًا عند حديثه عن مصر بقوله: (الدولة دي تستيقظ الآن)، أي أن مصر لم تنهض من غفوتها بعد، ولكنها تستيقظ، وهذا يعكس رسالة واضحة للمصريين بأن المشوار أمامهم طويل، وأنه بانتهاء المؤتمر ستبدأ رحلة الاستيقاظ والنهوض، ولذا فقد كررها بقوة نبرية وبطء في الأداء؛ لتكون واضحة جلية.

سابعًا: إذا اختلفت الرؤى فإن السيسي يدافع بقوة عن رؤية مصر:
مرة أخرى حاول أحد الحاضرين مقاطعة الرئيس في أثناء تكراره لجملة (مصر هي اللي علّمت الدنيا، وهتعلمها إن شاء الله مرة تانية، عشان كده بقولكم مصر مابتموتش)، ولكن عندما رأى السيسي من المتحدث أن الكلمة ستخرج عن هدفها المحدد، قام بإدارة الموقف، وقاطعه بلغة جسدية قوية التعبير مع إشارة بالسبابة والإبهام قائلًا له: (اسمع، خلّي الناس اللي موجودة ماتزهقش مننا).

ثامنًا: السيسي لا يصدر قرارًا إلا عن قناعة تامة:
احترام السيسي من يفاوضه، واحترامه عقلية المواطن المصري وضح جيدًا عندما استخدم التناص المعلوماتي القصصي بذكره ما دار بينه والشركة المنفذة لمشروع العاصمة الإدارية، وحرصه على توضيح سبب رفضه المدة الزمنية المقدمة من الشركة كان لابد أن يكون رفضًا منطقيًّا، وليس تعجلًا فقط، ومن ثم عمد إلى استخدام العلاقة السببية المباشرة ليكون مقنعًا لمن أمامه: (بنقول لأ ليييه مش هينفع؟ عشر سنين هنكون زدنا 26 مليون إنسان... فالوقت حاسم.. وعلشان كده هتجدوا إن دايمًا كلامي مع كل المسئولين من كل الشركات إن من فضلكم أنا مستعجل علشان إحنا متأخرين).

تاسعًا: الرئيس أخل بقاعدة الكم؛ ليعطي المصريين درسًا في إدارة الوقت:
لماذا أسهب الرئيس في ذكره الحوارات التي دارت بينه وبعض الشركات؟ ليس من أجل إظهار أنه يفاوض في كل صغيرة وكبيرة فحسب، بل مقصده هو إعطاء المصريين درسًا في كيفية إدارة الوقت، فنحن لا نمتلك رفاهية التنفيذ، وفي نفس الوقت استخدم حديثه لتوجيهنا إلى حسن التعامل مع المرحلة القادمة، وهي (وماذا بعد المؤتمر؟).
اللهم انصر عبدك.. تحيا مصر.
الجريدة الرسمية