رئيس التحرير
عصام كامل

مرضى يحسدون الكلب ماكس


"يا ريتني كنت الكلب ماكس".. عبارة يرددها مرضى المستشفيات التابعة لوزارة الصحة وللتأمين الصحي، فرغم التصريحات البراقة للدكتور عادل عدوي - وزير الصحة - الذي يعالج المصريين بالوهم، إلا أنني أنقل للرأي العام وجمعيات الرفق بالإنسان غير الموجودة أصلا، صرخة مريض يتمزق كبده من السرطان.


كان هذا المريض من منتفعي التأمين الصحي، وبعد أسابيع أجرى خلالها كل الفحوصات والكشوفات، عقد استشاري أورام مستشفى المقطم للتأمين الصحي، العزم على أن المريض (ح ح غ)، تبين أنه يحتاج إلى العلاج بالتردد الحراري على البؤر السرطانية بالكبد، وتحدد موعد دخول المريض، وكانت المفاجأة بعد أيام وفي موعد جلسات العلاج، جاء قرار نفس الطبيب لنفس الحالة بالتحويل إلى لجنة الجراحة لاستئصال الفص المصاب بالأورام السرطانية بدلا من التردد الحراري.

وبطريقة الكر والفر، انتقل المريض ما بين تلك الأقسام عدة مرات، ومع شدة الألم وموت الضمائر، جاء اقتراح مدير المستشفى، وعلى طريقة العلاج بضرب الودع وقراءة الكف، ليقدم نصيحة بأسلوب الشعوذة والدجل قائلا بعد أن رسم على وجهه ابتسامة أمام المريض: أنصحك بالعلاج الكيماوي فهو الحل لحالتك، وريح نفسك من الجراحة والتردد الحراري.

هكذا جاء رد مدير المستشفى، الذي قرر فجأة أن يرتدي ثياب الناصحين، وبعد أن قضى المريض أسابيع ما بين التجهيز للتردد الحراري والجراحة، وجد نفسه يخضع لنصائح غير المتخصصين، وهو التصرف الذي يصعب إجراؤه مع باقي المخلوقات.

مدير المستشفى قدم النصيحة للخروج من مأزق غياب طبيب الأورام لمدة أسبوع، ومع رفض أهل المريض العلاج بالنصائح وضرب الودع، قرر المدير طرد المريض من المستشفى بتحويله إلى مركز آخر يتبع التأمين الصحي، وفي مكان آخر ليبدأ مراحل الكشف والفحص والتشخيص من جديد، وحتى يصبح الموت هو الحل الوحيد لمريض قرر التأمين الصحي التخلص منه على طريقة الكلب ماكس.

صرخات المريض تزايدت من آلام السرطان، وقد تحول من مريض يمكن علاجه والشفاء إلى مريض محكوم عليه بالموت، لتتدهور حالته المرضية بسبب أطباء خلعوا رداء الإنسانية ومزقوا ضمائرهم.

الخطير في الأمر، أن المواطن المريض المنتفع بالتأمين الصحي، ليس هو الحالة الوحيدة الذي تقرر نقلها بتأشيرات لأطباء من الحياة إلى قائمة ينتظر فيها الموت.
الجريدة الرسمية