رئيس التحرير
عصام كامل

سامح فهمي أجدع ناس ؟



للأسبوع الثانى على التوالى تقول مصادر حكومية إنه لا مانع لدى القاهرة من استيراد الغاز من إسرائيل !
الأسبوع الماضى، نسبت الصحف لمسئولين حكوميين تأكيدات ببحث حكومة محلب استيراد الغاز الإسرائيلى. ومن يومين، قالت مصادر أخرى إن استيراد الغاز وارد.. قالوا أيضا إن هيئات سيادية تبحث الأمر للبت النهائى فيه.


ممكن بعد بكره يقولك الغاز في الأنابيب..اديها أسبوع وتلاقى الغاز الإسرائيلى في البيوت المصرية بعد أربع سنوات من ثورة في يناير، قبل أربع سنوات، أبهرت العالم، فأزالت نظاما ديكتاتوريا.. قمع المصريين.. وصدر الغاز لتل أبيب برخص التراب.

بعد يناير، عادت مصر للمصريين. قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك على رأى الدكتور أبو الغار.المصرى لم يعد خامة للضحك عليه من جديد على رأى خالد يوسف. استعاد المصريون مكانتهم من ميدان التحرير في يناير 2011 كما قالت جميلة إسماعيل، بينما الأيام الماضية حضروا نفسهم لاستيراد الغاز الإسرائيلى بدلا من تصديره "بتراب الفلوس" حسب تقارير صحفية لم يعلق عليها أحد !

كأن ثورة لم تقم.. كأننا لسنا بلد الثورة والثوار.. كأن الدكتور عمرو الشوبكى مش واخد باله.. أو أن الدكتور عمرو حمزاوى لم يعد يطالع الجرائد. كأن عمنا الدكتور جورج اسحاق عنده ديسك في ظهره.. يمنعه من الحديث..ومن النشاط !

الخبر استيراد الغاز الإسرائيلى أزمة بمقاييس عديدة.. خبر قنبلة.. خيبة قوية إن جيت للحق، ليس لأن حكومة محلب قد تلجأ لاستيراد الغاز من إسرائيل، إنما بسبب ما حدث من اتهامات وتهويمات.. وطنطنات هجوما على تصدير الغاز المصرى لإسرائيل قبل يناير.

وزير البترول السابق سامح فهمى طلع براءة من قضية تصدير الغاز منذ أيام.. أربع سنوات في السجن، ومحاكمات وأوراق، ومحامون.. وشهادات.. من أول رحمه الله اللواء عمر سليمان.. وانتهاء بأصغر عامل في وزارة البترول.. ثم بعد أسبوعين من براءته على التواطؤ في بيع الغاز المصرى لإسرائيل..تتجه النية لاستيراد الغاز الإسرائيلى..حسب الحاجة !

ممكن تقول حتى تتضح ملابسات كثير من الأمور المجهولة إن سامح فهمى أجدع ناس. ممكن تقول الراجل ما جابتوش ولادة.. هو صدر الغاز فحاكمناه.. ولما طلع براءة كنا نسعى نحن لاستيراد الغاز !

ليس هذا دفاعا عن سامح فهمى.. ليس هذا إضافة إلى سيرة اللواء عمر سليمان العطرة.. فالرجل وقف في أمام المحكمة يشرح محاولة فرض مصر توازناتها في المنطقة، بأساليب عدة منها دفع إسرائيل للاعتماد على حصة غاز مصرية.. سياسية.. أكثر منها تجارية، فانهالت عليه سهام ثوار يناير.. حمدين صباحى، وإسراء.. وعمرو واكد وآخرين.. من كل اتجاه.. بلا حياء.. ولا حياء.

ليس دفاعا.. لكن محاولة للفهم. حاكموا سامح فهمى في ايه ؟.. ويبحثون استيراد الغاز الإسرائيلى في ايه ؟

ملف الغاز الإسرائيلى، مثله مثل ملفات أخرى.. لم يفتحها أحد.. ولا اقترب منها أحد. حتى الآن لا نعرف على وجه الدقة، ما الذي حدث في محاكمة سامح فهمى.. لماذا دخل السجن، ولماذا خرج ؟ لماذا اتهموه.. وكيف برأوه ؟ طيب وإذا كانوا اتهموه.. بالتصدير.. فكيف يبحثون الاستيراد ؟

طيب إذا كانوا برأوه، فلماذا هاجمه بقايا ثوار يناير.. وهاجموا نظام السيسي استمرارا لنغمة لم تعد مفهومة، استنكارا لخروج رموز مبارك من السجون، بينما صمت الجميع على بوادر بدء حكومة محلب الاستيراد من إسرائيل ؟

قصر الكلام: ملفات كثيرة قامت عليها ثورة يناير المجيدة.. بطنطنات وهمهمات واتهامات ومشادات وتلاسنات.. دارت الأيام دورتها، وكشفت الأحداث العكس.. أثبتت السنوات النقيض.. بينما مازالت الملفات نفسها مفتوحة للآن.. دون أن نعرف تفاصيلها.. ولا أولها من آخرها.

لم نعرف من أين بدأت.. وأين انتهت؟ أو قل لماذا بدأت.. ولماذا انتهت ؟

مثلا.. تفاصيل كثيرة عن قضية تصدير الغاز المصرى لتل أبيب مازالت مبهمة.. مجهولة.. مع أننا لابد أن نعرف. من حقنا أن نعرف.. ما الذي حدث ؟ لماذا قامت الدنيا وكيف قامت ؟ وعلى ماذا قامت ؟

من الذي أقامها..ثم من الذي أقعدها على طاولة المفاوضات.. لقلب الآية.. واستبدال الاستيراد بالتصدير.. بينما تبقى حنجرة خالد يوسف ساكنة، وجفون حزب التجمع.. وسلالات ثوار الهابسبرج نائمة ؟

قبل سنوات وضع بعضهم تصدير الغاز على قائمة الأسباب التي أدت لثورة يناير، جنبا إلى جنب مع التوريث. بعضهم وصل بالأمر إلى اتهامات بالخيانة.. والعمالة، وتعمد مساعدة اليهود.. ضد الفلسطينيين استجابة لضغوط أمريكية !

فجأة ظهر أن الأحداث قلبت الدنيا زرع بصل.. رأس القضية تحت، ورجليها فوق.. لكننا لم نعرف، ما الذي أحيا القضية ومن الذي أماتها.. وكيف ؟

لو المصلحة في استيراد الغاز الإسرائيلى. لو الغاز الإسرائيلى هو الحل، فأغلبنا مع الحل.. وأكثرنا مع المصلحة.

لكن أكيد أيضا.. أن كثيرا منا على شغف بأن يعرف كثيرا عن قضايا وملفات.. شيطنها عارفون بالله نشطاء ظهرا.. ثم أعادوا تقديمها في ورق هدايا مساء.. بينما نحن لا نعرف عن الطور شيئا.. ولا عن أخبار الطحين.

حتى نعلم.. مزيدا من التفاصيل، لو قال أحد إلا أن وزير بترول مبارك سامح فهمى أجدع ناس.. هيبقى عنده ألف حق !
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com

الجريدة الرسمية