رئيس التحرير
عصام كامل

عمرو علي: الحكومة تشعل أسعار الأراضي والعقارات.. والسر في «البيع بالمزاد»


  • حل أزمة الإسكان في "تجربة إبراهيم سليمان"
  • المدن السكنية الجديدة "للأغنياء فقط"
  • السوق المصرية تحتاج 500 ألف وحدة سكنية سنويًا
  • لابد من إغلاق التراخيص في المدن القديمة
  • الدولة لا توفر سوى 5% من احتياجات أراضي البناء
  • مشروع "ممر التنمية" في المكان الخطأ
  • خطوة إنشاء عاصمة جديدة نتمنى العمل بها من اليوم
  • الحكومة نفسها أكبر المستوردين والتجار بالسوق 
  • أتوقع صعود الدولار إلى 9 جنيهات
  • حصول شركات التنقيب على نصف إنتاج البترول غير موجود سوى بمصر
الأزمة السكنية عرض مستمر منذ سنوات بعيدة، ولم تستطع الحلول التي تطرح هنا وهناك من إنهاء الأزمة، لكن المهندس عمرو على رئيس مجلس إدارة شركة "بيت العمارة" للاستشارات الهندسية يرى العلاج الناجع في الاستعانة بتجربة وزير الإسكان الأسبق المهندس محمد إبراهيم سليمان بالتوسع في إنشاء مدن سكنية جديدة.

في حواره مع "فيتو" تحدث "على" عن دور الحكومة في اشتعال أسعار الأراضي والعقارات، وتطرق إلى انتقاد مشروع ممر التنمية، معتبرًا أنه في المكان الخطأ، وأن الأنسب إقامته في شرق النيل.. وإلى نص الحوار:


** بداية.. كيف تقيم السوق العقارية في مصر؟
أسعار العقارات ترتفع بشكل كبير، والحكومة تسهم في ذلك بشكل واضح، لأنها تطرح الأراضي بأسعار مرتفعة جدًا وصلت إلى 4 آلاف و200 جنيه للمتر الواحد، وبالتالي اتجه القطاع الخاص لزيادة الأسعار أسوة بالحكومة التي تلمح إلى أن تركيزها الفترة القادمة سيكون على طرح شقق لمتوسطي الدخل، وبأسعار تصل تتراوح بين 600 و800 ألف جنيه للوحدة السكنية ذات التشطيب الكامل، فمتوسطو الدخل يمثلون 90% من الشعب المصري، وهذا يعنى أن الحكومة تراهم قادرين على شراء وحدة سكنية بقيمة 600 ألف جنيه، وكأنها تتحدث عن شعب آخر وليس الشعب المصري.

** وما أسباب ارتفاع الأسعار ؟
هناك مشكلة في أسعار الأراضي نتيجة نقص المعروض منها ومن الوحدات السكنية، في ظل وجود نصف مليون حالة زواج سنويا، وهو ما يعني أن السوق تحتاج لـ 500 ألف وحدة سكنية سنويًا، وهذا يحتاج من الحكومة توفير 100 ألف قطعة أرض بمساحة 600 - 1000 متر في كل محافظات الجمهورية، ولكن الواقع يقول إن الحكومة توفر سنويًا نحو 5 آلاف قطعة أرض فقط بما يمثل 5% من إجمالي احتياجات السوق، بما اضطر ذلك المواطنين إلى البناء على الأراضى الزراعية لعدم وجود البديل.

** وماذا عن حملات الإزالة للعقارات المخالفة؟
المفروض على الدولة قبل أن تشرع في هدم العقارات المبنية على الأراضي الزراعية أن توفر بديلًا مناسبًا للمواطنين، لكن الحكومة نفسها تساعد على انتشار المخالفات، من خلال توصيل الكهرباء والمياه للمخالفين، لذا قبل محاسبة هؤلاء لابد من محاسبة الجهات الحكومية التي ساعدتهم، ولابد من توفير أراضٍ بسعر التكلفة، والمشكلة أن الحكومة تتعامل مع الأرض على أنها سلعة وتتاجر بها، فرغم أن المرافق لا تكلف الدولة أكثر من 250 – 300 جنيه للمتر الواحد إلا أنها تبيعه بما يتراوح بين 3 و4 آلاف جنيه.

** برأيك كيف يمكن حل هذه الأزمة؟
حل المشكلة يبدأ بالعودة إلى تجربة محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، التي كانت ناجحة بكل المقاييس، حيث توسع في طرح الأراضي وعمل على إنشاء 17 مدينة سكنية جديدة، ووفر وحدات سكنية لما يكفي 9% من سكان مصر، وسعر الأراضي حينها كان يتراوح بين 100 و250 جنيهًا للمتر، والتقسيط مريح يصل إلى 5- 7 سنوات، وكان سعر متر الوحدة السكنية يبدأ من ألف جنيه إلى 1400 جنيه، لكن خلفه أحمد المغربي رفع أسعار الأراضى والوحدات السكنية، وحول المستثمرين والجميع لتجار أراضٍ من خلال تطبيق نظام البيع بالمزاد، وهو أمر خطير يضر بالشعب، وإلى جانب الاستفادة من تجربة إبراهيم سليمان لابد من إغلاق التراخيص في المدن القديمة، فمهزلة الكثافة السكانية المرتفعة والازدحام الشديد في القاهرة حاليًا نتيجة هدم الفيلات وبناء أبراج شاهقة، فلابد من التوجه لإنشاء مدن سكنية جديدة على شواطئ البحر الأحمر، وتكون مناطق صناعية حرة، وتحصل على إعفاء تام من الجمارك والضرائب، وفى هذه الحالة ستتحول مصر لدولة صناعية وتتمكن من رفع معدلات دخول الأفراد لـ 15 – 20 ألف جنيه شهريًا، كما أن الصناعة هي الحل الوحيد لتخفيض أسعار السلع، وتحويل ميزان المدفوعات من سالب لموجب، وتحقيق فائض في العملة الأجنبية ومضاعفة الصادرات للخارج، لكن دعم الصناعة يحتاج قرارات رئاسية وحكومية.

** إذن ما القرارات المطلوبة من الرئيس والحكومة ؟
لابد من إتاحة الأراضي للمواطنين بأسعار مخفضة، وزيادة المعروض منها بالسوق لتجنب ارتفاع الأسعار، وتحريك قطاع المقاولات وتوفير الوحدات السكنية المطلوبة للمواطنين، وإنشاء الحكومة "المرافق"، وكلما كان المعروض من الأراضى كبيرًا، وتم وضع جدول زمني للبناء عليها أو سحبها من غير الملتزم لن يتاجر بها أحد أو ترتفع أسعارها، علاوة على ضرورة إنشاء المدن الصناعية بجوار السكنية لتجذب المواطن.

** وما سبب تدني نسبة إشغال المدن السكنية الجديدة؟
بالتأكيد يرجع إلى ارتفاع أسعار الأراضي، فالحكومة تتعامل على أن سكانها من الأغنياء فقط، لذك صارت الأسعار فيها أعلى من المهندسين والدقي والمناطق الراقية في المدن القديمة، وتحولت المدن الجديدة لتجارة الأراضي، كما أن الحكومة لم توفر الوحدات الإدارية بتلك المدن لجذب الشركات والمستثمرين لها، وما وفرته كان بأعلى الأسعار بما دفع الكثيرين إلى التوجه للمدن القديمة، فلابد من عوامل جذب للعمل بالمدن الجديدة وتخفيض الأسعار بها وإعفاء ضريبي، ولن تكون هناك تنمية صناعية وعمرانية بتلك المدن دون تيسيرات وحوافز.

** وما رأيك في مشروع ممر التنمية للدكتور فاروق الباز؟
هناك خطأ يشوب هذا المشروع، فهو يقع غرب النيل، وكان يجب أن يكون شرق النيل بنحو 100 كيلومتر، بحيث يكون قريبًا من البحر الأحمر لخلق مناطق سكنية وصناعية جديدة بها، فمثلا يمكن إقامة منطقة صناعية وسكنية تربط سوهاج وسفاجا، ويكون من السهل استيراد المواد الخام وتصديرها أيضًا.

** وبالنسبة لمشروع إنشاء عاصمة جديدة الذي تتبناه الحكومة ؟
خطوة جيدة نتمنى العمل بها من اليوم، بحيث يتم نقل مجلسى الوزراء والنواب وكل الهيئات الحكومية، ولابد من أن تحتوي على منطقة صناعية حرة ومدينة سكنية، فكل دول العالم تعمل على إنشاء عواصم جديدة وهذا ليس بدعة أو اختراعًا مصريًا.

** وما رأيك في أداء البنوك؟
البنوك لا تستطيع فعل شيء في ظل غياب المنظومة الشاملة، ومصر تعاني من أزمة ارتفاع حجم الاستيراد مقابل التصدير، وهناك الكثير من الفئات التي تجرى وراء الدولار ومنهم المستورد، وكذلك الحكومة لأنها تعتبر أكبر المستوردين والتجار بالسوق، حيث تستورد القمح والوقود، والعملة المصرية تدهورت 80 مرة منذ عام 1956، وهناك ثلاثة مصادر فقط للعملات الأجنبية لمصر، وهى تحويلات العاملين بالخارج والتي تقدر بنحو 20 مليار دولار سنويًا، ودول الخليج تساعد بنحو 20 مليار دولار بأشكال مختلفة، وتسهم السياحة وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية أيضًا بـ 20 مليار دولار، فلابد من حل أزمة الدولار المتوقع صعوده إلى 9 جنيهات، من خلال زيادة الصادرات وتخفيض الواردات وخلق فائض في العملة الأجنبية.

** وهل يحقق إنتاج البترول الدور المطلوب ؟
شركات التنقيب عن البترول في مصر تحصل على أكثر من نصف الإنتاج مقابل التنقيب، ونبيع البترول "خام" مقابل الحصول على نصفه سولار وبنزين، وهو ما يعني أننا نحصل على ربع إنتاجنا من البترول سنويًا، فإنتاجنا يقدر بـ 800 ألف برميل يوميا بقيمة 38 مليار دولار سنويًا، نحصل فقط منها على 6 مليارات دولار، وهذا النظام تم إلغاؤه في ليبيا والجزائر والسعودية والسودان وباقي دول العالم.
الجريدة الرسمية