رئيس التحرير
عصام كامل

برلمان الحب الضائع والعشق المشروط!


الحمد لله على تأجيل المؤجل أساسا أساسا أو حتى إلغائه، فهذا البرلمان غير المأسوف عليه قُتل قبل أن يولد وفقد سمعته قبل أن ينبس أحد أعضائه الموقرين سادة قراراتهم بكلمة تأييد أو حب أو حتى معارضة والعياذ بالله.. ووقانا الله شر المعارضين وأفعالهم وأقوالهم، فمن حيث السياسة، فلقد عدمناها والحمد لله وصار الوطن مقسما بين مؤيد (وطني) ومعارض خائن بالضرورة، والإعلام والتغييب والتهجيص وغيره، وصار من الأفضل أن تترك الجميع يجرب بنفسه حتى ينضج سياسيا واقتصاديا ونفسيا.


فلقد كانت بدايته خطأ بقانون أقسم الجميع قانويين وغيرهم بعدم دستوريته، ونصح الحكومة بتعديله مرارا ولكن.. لأنهم من مربع المعارضة تم تخوينهم وتجهيلهم وتجاهلهم، أما عن صلاحياته التي تفوق المتاح لرئيس الجمهورية، فلقد تم إصدار تشريعات من رئاستي الوزراء والجمهورية تفوق ما يمكن أن يشرعه هذا الكيان في أربعة سنوات كاملة، وإن كان من حقه مراجعة تلك القوانين أو إلغائها، فالمتاح له هو أسبوعان فقط وفق نص دستور 2014.. بالطبع لا تكفي تلك المدة لقراءة قانون واحد فقط وتمحيصه!

وإذا انتقلنا إلى الكيانات الحزبية التي كان من المفترض أن تكون قوامه الأساسي، فلقد شاهدنا وسمعنا أن معظم تلك القوائم الحزبية أعلنت أنها جاءت لا للتشريع ومحاسبة الحكومة ومراقبتها وسحب الثقة منها إن تجاوزت حدودها وتجنت على الشعب، ليس ذلك بالطبع بل إنها تكونت وأنفقت وترابطت وتهيأت لهدف أسمى ألا وهو المنافسة في (حب) الرئيس!

ترخص ونفاق بذيء وحماقة لم يطلبها الرجل منهم بالطبع؛ لأنها تقلل من أسهمه وأسهم أي رئيس، فالرجل لم يطلب منهم المنافسة في حبه بل إن غالبية هؤلاء المنافقين والأفاقين لم يستجيبوا للرئيس نفسه عندما طالبهم بالتبرع لصندوق (تحيا مصر) وظل الصندوق خاويا.. هل هؤلاء يحبون الرئيس أكثر من مصر.. إذن هم خونة ويجب محاسبتهم، أم أنهم بلهاء ويضعون الفرد فوق الوطن.. وهل حب الرئيس يتحقق فقط ويكتمل محاقه بمقعد وثير في البرلمان يمنحهم حصانة ضد فساد متوقع ومتطلع إليه ومحبب للنفس الدنيئة.. هو إذن برلمان الحب الضائع مع كامل الاحترام لعنوان رواية عميد الأدب الراحل طه حسين!

لقد سعد معظم الناس بتأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى؛ نكاية في كل عبده مشتاق، أو فاسد متلهف أنفق ملايين بالمخالفة للقانون على دعاية قبل موعدها وغض بصره عن دولة اقتصادها ينهار يوما بعد آخر، وشعبها يعاني كل ثانية، لم نر أحدا من هؤلاء العشاق الفاسدين يتبرع لجهة أهلية أو حتى حكومية لوجه الله والوطن، بل إن الكثير منهم في إحدى دوائر الوجه البحري مثلا كانوا يتنافسون في شراء أصوات الناخبين علانية وتبجحا وفسادا بوعود بدفع ديون الغارمات أو بناء مستوصف أو تأجير أتوبيس لنقل الطلاب شريطة حصوله على عضوية برلمان العشق المشروط!

ثم ما فائدة برلمان سُحبت صلاحيته جهارا بتصريحات من وزير المالية الذي قال بالفم المليان إنه سيرفع الدعم، غير الموجود أساسا، عن البترول والكهرباء في يوليو القادم.. هل تذكر هذا الوزير أو وضع في اعتباره أنه لا يستطيع فعل ذلك في ظل وجود مجلس نواب.. بالطبع هو لم ينس ذلك بل هو متيقن أن غالبية ساكنيه من الأعضاء المصفقين العاشقين لأنفسهم ولثرواتهم، ولحصانة سيد قراراه سيكونون مثل قلتهم أو قلتهم أفضل بكثير حتى تجد الحكومة من يحاسبها شعبيا وفعليا على أدائها ولا تتمسح في وجود مجلس نواب.. أكرر سعادتي بالانتعاش الاقتصادي الذي أصاب صبية الإعلانات من أموال المشتاقين للتصفيق والنفاق ودمتم يا حبايبنا!

fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية