رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

للأسف ابنها ليس كلبا !



بالطبع هذه الواقعة بمفردها كفيلة وكافية جدا لفضح نفاق المجتمع وتمزيق كافة الأقنعة القاتمة رغم كثرة الأصباغ التي تتكون منها والتي تستر عوراتنا جميعا، تماما مثل أدوات المكياج التي تعمل من (البوصة) عروسة كما كان يقول أجدادنا المصريون الذين كانوا يتحلون بكثير من الصراحة والإنسانية أيضا والتي انقرضت الآن تحت زيف غول الادعاء والتحضر الفالصو!


فبالأمس كانت وقفة السيدات المتحضرات والسادة المنمقين تنديدا بالجريمة الوحشية التي حدثت في حق (كلب) شبرا والذي صار أشهر من كل مواطنى شبرا، وقبل أن تعتقد أننى أسخر من تلك الوقفة ومن جريمة ذبح حيوان أبكم مسكين، فإننى فقط أذكر بأن قتل أي نفس خلقها الله أو (ذات كبد رطبة) وفق نص حديث الرسول الكريم، هي جريمة وتستحق العقاب خاصة إن كان سبقها تعذيب... لكن ما حدث هو المتاجرة بدم كلب واستغلال الحادثة إعلاميا وكأننا نعيش جنة عدن والإنسان مكرم عندنا ولا يموت على الأسفلت يوميا أو جوعا وقهرا وظلما أو حتى تعذيبا في أقسام الشرطة حسب الظروف وحسب (لماضته) وليست حادثة قسم المطرية بعيدة زمانا أو مكانا عند من هبوا عن بكرة أبيهم مطالبين بالقصاص للكلب ولم نر أحدا من هؤلاء المتحضرين يشجبها أو يذكرها بغض النظر عن انتماء الضحية طالما كنا بهذه الرقة والإنسانية التي طالت حتى الحيوان !

و هناك أنواع أخرى من القتل اليومى والأسبوعى والشهرى والموسمى أيضا، اتحدت اثنان منهما في وقت واحد أمام وقفة (بتوع ) الكلب.... حيث أتت سيدة فقيرة تحمل طفلها الرضيع، إنسان بالمناسبة وليس كلبا بكل أسف، يظهر عليها الفقر والإعياء والقهر الذي يقتل الروح قبل الجسد لتطالبهم بالاهتمام بوليدها البشرى (افتراضا) والسعى في علاجه والاهتمام بروحه البريئة ومحاولة إنقاذها واعتباره مجرد كلب يمثلون الغضب له ويدعون الإنسانية وينظمون وقفة احتجاجية من أجله بالمخالفة للقانون الذي يمكن أن يروقهم بثلاث سنوات مع الرأفة كما حدث مع بعض الوحشين من ثوار يناير المأسوف على روحها !

فماذا حدث لتلك الأم الفقيرة التي كشفت عوارتهم جميعا... وجدت الأم إحدى الحسناوات من ذوات الشعر المصبوغ بثمن يطعم أمثالها شهرا ويزيد، تنهرها وتدفعها وهي تحمل الطفل المريض الأدنى والأقل والأحقر من كلب شبرا في نظرها وتقول لها: (روحى بعيد، ده له مكتب تروحى به، هنا مكان وقفة الكلب ) !

بالطبع انفجرت الأم المكلومة بحديث يدمى القلب عن حالة ابنها (ضناها) الذي لم يجد من يعالجه من أفراد أو منظمات أو حكومة أو حتى حسناوات ممن غضبن للكلب، فهو لم يطاول قيمة الحيوان ولن يطاوله في مجتمع تخلى عن كل قيمه حتى ولو كانت الإنسان نفسه وتاجر بها مقابل المال الذي صار دينا حقيقيا يتعبد به، مجتمع تشبع بقيم الرأسمالية وكل ما يقرب إليها من قول أو عمل أو إدعاء أو تمثيل أو رشاوى أو مظهرية جوفاء ونفاق حتى مع النفس ومع الإنسانية ذاتها، بالطبع هؤلاء النساء الذين فضلن الكلب على الطفل المريض لو كن يعلمن أن قنوات إعلامية تصورهن أو برنامج من نوعية صبايا أو غيره لوجدتهن يذرفن الدموع الكاذبة ويتبرعن لعلاج الطفل المسكين وربما قامت إحداهن بتبنيه على الهواء مباشرة ولكن... الذي صورهن من غير أن يدرين كان شابا مصريا (إنسان) بحق، محترم اسمه محمد أكسجين ولقد قام بنشر تلك المأساة على موقع يوتيوب وله كل الشكر ولأمثاله ممن يقدرون الإنسان ويعتبرون الرحمة به فوق مستوى الكلاب !
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية