رئيس التحرير
عصام كامل

فك شفرات بيان الأمم المتحدة


إن البيان الذي صدر عن الأمم المتحدة، والدول الأوربية الخمسة بخصوص ليبيا، إنما هو بمثابة إرهاصات للحرب العالمية الثالثة، التي ستكون مصر الطرف الثاني فيها. 

فقد جاء البيان بكثير من الأهداف غير المعلنة صراحة، ولكنها تتكشف عندما نربط البيان بسياق الموقف، وبالسياق المصاحب.

لقد بدأ البيان بالأكلاشيه المعتاد، ظاهره فيه الرحمة، وباطنه من قِبَله العذاب، وهو إدانة الأعمال الإرهابية؛ ولأنهم يرقصون على دمائنا، ودماء الأبرياء، فقد استخدم البيان الإدانة مطية؛ ليحقق مآربه، التي بدأها (بضرورة وجود حل سياسي للصراع في ليبيا).

علمًا بأن أمريكا سبق أن قال رئيسها إن تنظيم داعش لا يعترف إلا بالقوة، ولكن هذا قبل أن تتدخل مصر ضمير الإنسانية، الذي بتدخلها الجاد الموفق المحرج لقوى التحالف الصهيو أمريكي، خرج البيان ليؤكد على ضرورة وجود الحل السياسي - وهذه هي الازدواجية والانتقاء التي تحدث عنها السيسي في خطابه الأخير- وأتى تأكيد التحالف مُعمَّمًا، وتفاصيله مفادها أن أمريكا تنتوي تشكيل جيش داعشي رسمي في ليبيا من خلال مليشيات فجر ليبيا أحد الأطراف المتصارعة هناك، وهذا يقتضي مراحل ثلاثة:

المرحلة الأولى: رفع الغطاء الشرعي الذي أعطته مصر لنفسها بعد ذبح واحد وعشرين مصريًّا، ولذا جاء البيان بقوله: (لا يستطيع أي فصيل بمفرده أن يواجه التحديات التي تعترض ليبيا)، وهذا يفسر لنا لماذا تحفظت قطر في الجامعة العربية على الضربة الجوية المصرية لأوكار داعش.

المرحلة الثانية: بعد تنحية مصر وتقويضها دوليًّا يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية ليبية لمعالجة التهديد الإرهابي، التي ستكون داعش ممثلة في فجر ليبيا وحلفائها طرفًا رئيسيا فيها، إن لم يكن مهيمنًا عليها.

وهنا تأتي المرحلة الثالثة: (تقديم المجتمع الدولي الدعم الكامل لهذه الحكومة الوطنية)، وهذا يقتضي أن يكون لهذه الحكومة جيش نظامي داعشي رسمي له الشرعية، وهذا ربما يفسر لنا سر تعاقد قطر على شراء 36 طائرة رافال؛ حتى يكون الدعم العسكري لليبيا عربيا أصيلًا، فيدفع شبهة التآمر على الوطن العربي.

ولسرعة تنفيذ ذلك (سيقوم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة برنارد ليون، بعقد عدة اجتماعات في الأيام المقبلة لبناء دعم ليبي أكبر لحكومة وحدة وطنية)، ويمهد لقوام هذا الجيش نزوح الداعشيين من سوريا والعراق إلى ليبيا، ولذا فقد اعتمد البيان على الوسيلة الزمنية بقوله: (إن إلحاح الخطر الإرهابي يستلزم تقدمًا سريعًا في العملية السياسية، مبنيًّا على جدول زمني واضح)؛ ولأن التحالف يرى تحطم آماله بضربات مصر الجوية؛ فقد تم التهديد الأممي لمصر ولمن يتحالف معها من الدول العربية بقولهم:

(هؤلاء الذين يسعون إلى إعاقة هذه العملية وإعاقة الانتقال الديمقراطي في ليبيا، بعد أربع سنوات من الثورة، لن يسمح لهم بجر ليبيا إلى الفوضى والتطرف، وسيقوم الشعب الليبي والمجتمع الدولي بمحاسبتهم على أفعالهم).

السؤال: أي شعب ليبي يقصد هذا البيان؟، إنهم يريدون ليبيا أرضًا للحرب القادمة.

كلنا جنود في الجيش المصري.
الجريدة الرسمية