رئيس التحرير
عصام كامل

الفرار من داعش.. إلى داعش!!


خبر من جريدة يومية مصرية أول أمس: عمال من المنيا يعودون إلى ليبيا بطريقة غير مشروعة.. وفي جريدة أخرى اليوم نفسه: مدير منفذ السلوم البري اللواء محمد متولي: أعداد المصريين العائدين من ليبيا غير متوقعة.. ومن منفذ رأس غدير على الحدود التونسية.. ومصادر: أعداد المصريين العائدين قليلة رغم نداءات حكومتهم.. بعد الحادث الإرهابي الأخير.

تعالى إلى مواقع التواصل، نكات للصبح، وقفشات للدجى.. إن جيت للحق الأمر يستاهل تعليقات وقفشات ساخرة لاذعة للصبح.

في تعليقه قال أحدهم: قبل يناير كان فيه شعب.. ولم تكن هناك حكومة.. النهارده فيه حكومة.. لكن غاب الشعب!!
مدون آخر ساخرا: مصري يسقط بنيران داعش الإرهابية في أجدابيا.. وآخر يسقط خلال محاولته التسلل للأراضي الليبية بنيران حرس الحدود الإرهابية أيضا.

الأخبار غريبة، والتفاصيل أغرب.
الكلام هنا عن الوعي.. عن طريقة شرائح منا في التفكير.. وفي التدبير، وطريقة أغلب ساستنا من جانب آخر في قلب الحقائق، واختلاق الأعذار.. والتعامل مع الواقع أحيانا كثيرة بما يشبه أعراض "الفصام".. الفصام مرض والعياذ بالله..

والفصام حولك من كل جانب.. البارانويا تحيطنا من هنا لهناك.. من أول محاولات الفرار من داعش في ليبيا.. بالتسلل عبر الحدود إلى داخل الأراضي الليبية.. وانتهاء بالفصام الذي اعترى رؤساء الأحزاب ورجال سياسة ما بعد يناير استعدادا للبرلمانية.

في الجريدة اليومية قال عامل صعيدي إن سعر تهريب المصري عبر الوديان والمدقات الحدودية إلى ليبيا، ارتفع إلى 18 ألف جنيه للفرد مقارنة بـ 10 آلاف قبل الحادث الإرهابي!!

المعنى أن هناك إقبالا على الدخول إلى ليبيا، رغم اتهامات الساسة إياهم للحكومة بالتقصير، وتشنجاتهم على السيسي لإهداره آدمية المصريين في الخارج.

بالنسبة لسماسرة التهريب، رفعوا الأسعار.. لأن المخاطر زادت.. ولأن الإقبال على دخول ليبيا.. زاد أيضا.. إن جيت للحق مرة ثانية، الإقبال عندنا زاد على كل شيء.. كل أنواع الكلام وجميعه، في كل الموضوعات.. وفي كل المسائل.

لكن الكلام الدائر بيني وبينك.. وبينك وبين جارك، والحديث على صفحات التواصل الاجتماعي، وأحاديث الساسة.. من أول عبد الحليم قنديل مرورا بالدكتور أبو الغار وانتهاء برواد حزب التجمع وأحبائه.. مخالف تماما للواقع.. وما تشير إليه الحقائق.. ما يسرى في الشارع.

كم رأيا عندنا ظهر في موضوع قتل الـ 20 قبطيا؟
ما تعدش.. آراء كثيرة، وكلام أغلبه كثير أيضا بلا معنى ولا داعي.. كله اصطاد في الماء العكر.. كله حاول الظهور وتنجيم نفسه على طريقة ممثلي إعلانات مساحيق الغسيل.. وشامبوهات الشعر الحريمي.

منهم من دلل بالحادث على فشل السيسي وفشل حكومة محلب.. منهم من حّمل السيسي المسئولية عن عدم اتخاذ إجراءات "سريعة" لإنقاذ المصريين قبل الذبح.. وصل الأمر بناشط وصحفي كبير قد الشمس.. شكك في طلعات الطيران لمعسكرات داعش في ليبيا.. قال لك: فيلم.. والطائرات طلعت كده وكده.. لأن المصريين ذبحوا في جزيرة قطرية!!

كل كان يغني على ليلاه.
اللي مع السيسي وهؤلاء كثيرون.. أيدوا وباركوا، لكن آخرين من نوعية الذين مع "المصالحة" طلعّوا في الأمور أمور.. درجة من الضغينة ظهرت، ونفوس أمارة بالسوء تجلت.. وصلت للدرجة التي نقلوا فيها الحادث من درنة الليبية.. إلى قطر.. نكاية في الطائرات المصرية المقاتلة!!

حتى في تلك الظروف يتاجرون؟ حتى في تلك الأزمة يتثعبنون؟؟
معنى أخبار العودة إلى ليبيا.. كبير.
 
أولا: أنك لا يمكن أن تضع الأعباء على الدولة وحدها.. من أول حماية المصريين في الخارج، وانتهاء بتنظيم المرور.. وحماية الأسواق من البضاعة الحرام المهربة، وبلاستيك لعب الأطفال السام، بينما الشارع لا يريد.. ولا يسعى.. وبينما الساسة يضغطون على النظام، بنية مش خالصة.

ثانيا: أن أغلب المزايدين تبعنا، مازالوا في الأزمات، يتكلمون باسم الشارع، ويقدمون أنفسهم باسم الشارع، بينما لا يعرفون الشارع، ولا يعرفهم هو أيضا.

إما طامعون.. وإما مغرضون.. تستطيع أن تسميهم "الذين في قلوبهم مرض".. فمثلما زايدوا على الرئاسة في مقتل أقباطنا في ليبيا.. يزايدون الآن على الرئاسة في المعركة الانتخابية.. أعلنوا قبل يومين تعليق نشاطهم الدعائي، وهددوا بمقاطعة الانتخابات لتدخل الدولة.. ودعم الرئاسة لقائمة معينة.

كان كلام لا محل له من الإعراب.
فكما عمال المنيا يدفعون آلاف الجنيهات للعودة إلى ليبيا في "الخباثة".. بينما يحّمل "ساسة يناير" السيسي المسئولية عن مقتل المصريين بسكاكين داعش، فإن البسطاء في الشارع قد يدفعون دم قلبهم للتعرف إلى تلك الأحزاب التي تقول إن همها المواطن.. بينما رؤساء الأحزاب عبس وتولى.. استعاضوا عن المواطن بالتسلل بطريقة غير شرعية إلى الفضائيات.. يحّملون الرئيس مسئولية فشلهم في الدعاية لأنفسهم.. وسقوطهم في التواصل مع الناخب.. استعدادا للبرلمانية!! 

Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com
الجريدة الرسمية