رئيس التحرير
عصام كامل

قمة السيسي وبوتين وتنويع البدائل


نشهد في الفترة السابقة حراكا منهجيا للرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لإعادة علاقات قديمة مع دول هامة لها بعد إقليمي ودولي، بالإضافة إلى إقامة علاقات جديدة مع دول لها ثقل اقتصادي وسياسي، والهدف في اعتقادي هو تنويع البدائل والخيارات وتوسيع العلاقات الإقليمية والدولية، ذات البعد السياسي والاقتصادي والأمني.

وتأتي العلاقات المصرية الروسية من ضمن العلاقات المهمة والمؤيدة للسياسة المصرية منذ ثورة 30 يونيو، والتأييد الجارف من بوتين لمصر تجاه الثورة التي أطاحت بحكم الإخوان ووجهت ضربة قاصمة لمخطط الشرق الأوسط الجديد، الذي كان يهدف إلى تمزيق المنطقة تمزيقا طائفيا وعرقيا، ومن ثم جاء دعم روسيا لمصر للإعلان عن تقديم كافة المساعدات في مواجهة الإرهاب والمتطرفين.

وجاءت زيارة الرئيس السيسي لروسيا؛ لإكمال العلاقات وضخ دماء جديدة مرة أخرى في شريان العلاقة المصرية الروسية؛ لبناء شراكة اقتصادية وتنمية من خلال استثمارات متبادلة، بل شراكة إقليمية ودولية سوف يكون لها الآثار الإيجابية على مصر.

ويرحب الرئيس بوتين بدعوة الرئيس السيسي، ما أسفر عن زيارته التاريخية هذا الأسبوع في بلدنا الحبيب مصر؛ للسعي من الطرفين إلى مواجهة التحديات وبناء شراكة في اتجاهات متعددة، في ظل الأزمات التي تعاني منها روسيا بعد العقوبات الاقتصادية التي جاءت بعد أزمة القرم في العام الماضي، وانهيار أسعار النفط من ناحية ومن ناحية أخرى تصميم روسيا على إنشاء محطات للطاقة النووية، التي تريد مصر أن تكون طرفا فيها.

وتأتي أيضا الرغبة بين البلدين في إقامة علاقات قوية، في ظل الحالة الاقتصادية لمصر ومقاومتها للإرهاب الداخلي والخارجي، كل ذلك في إطار التحديات، ولكن الرغبة القوية من الطرفين ومن القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي لمصر في البناء والاستقرار ومقاومة الإرهاب الدولي والمحلي، وإعادة ترميم الجسور القائمة تاريخيا بين مصر وروسيا، يجعلني أقول إن هذه العلاقات سوف تكون لها عظيم الأثر على المستوى الدولي والإقليمي، ويعود بالنفع على الطرفين وخاصة على مصر، ما ينتج عن هذا التعاون آثار إيجابية في التعاون العسكري والتعاون الاقتصادي والتعاون في مواجهة الإرهاب، وفي الرؤية الإيجابية للتعاون في البرنامج النووي وتنويع مصادر الطاقة، وليس أدل على ذلك ضم وفد روسي مرافق للرئيس بوتين من المتخصصين والباحثين في مجال الطاقة النووية الروسية.
 
وفي المجال الاقتصادي، نجد مشروعات مطروحة للنقاش من خلال الزيارة، وهو إنشاء منطقة صناعية روسية ومنطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد الأور- آسيوي، كما هناك في المجال السياحي وهو موضوع السياحة الروسية الوافدة ونصيب مصر منها وكيفية تعظيم هذا النصيب لمصر، وأعتقد أيضا أنه سوف يكون هناك تعاون في المجال العلمي والبحثي في الإطار الأكاديمي، فالعلم هو أساس بناء الدول المتحضرة، ولاسيما أنه يوجد في مصر الجامعة الروسية التي يدرس فيها الطلاب المصريون.

فالتعاون بين مصر وروسيا له أوجه إيجابية متعددة، ويأتي في إطار بناء السيسي لعلاقات شراكة متعددة بين دول مختلفة لها ثقل إقليمي ودولي، وإن دل ذلك يدل على انفتاح مصر بقيادتها الوطنية على التنوع والاختلاف للتكامل الإيجابي الذي يبني مستقبل الدول والشعوب، ولكني أريد أن أشير بجانب ما ذكرت، إلى أهمية التنوير والانفتاح العقلي والتفكير المنطقي المنظم الذي يعمل على حل مشكلات المجتمع، يقول سقراط: "يجب أن تخضع الحياة للفحص والنقض"، ومن ثم التفكير ووضع إستراتيجية للحلول الداخلية؛ لأننا في مصر بجانب العلاقات والمجهود الكبير الخارجي ذات البعد السياسي والاقتصادي والأمني، نحتاج إلى حلول لها بعد منطقي على أساس بحثي وعلمي، بل نحتاج إلى تكاتف كل الجهود من أصغر المهام إلى أكبر المهام، وأن يعمل الكل في مكانه بإتقان وجد وإخلاص؛ لأن مصر تحتاج إلى أبنائها للبناء الداخلي، بجانب كل الجهود العظيمة التي يقوم بها رئيس مصر الوطني.
الجريدة الرسمية