رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم والصحة في دائرة الاحتكار


فجأة وكالسرطان انطلقت إحدى الشركات الأجنبية تنخر في جسد قطاع الصحة في مصر تستحوذ وتضم كل ما تجده أمامها من مستشفيات ومعامل تحاليل ومراكز أشعة. بجانب عشرات المستشفيات الكبرى وفي صفقات مشبوهة دون إعلام أو إعلان وبطريقة تنم عن أهداف غير إنسانية.


عملية الاستحواذ تمت حاليا على 12 مستشفى كبيرا بجانب مختبرات البرج والمختبر وإن كان البعض يرى في ذلك استثمارا فهذا خطأ لأن الاستثمار لا يعني الاستحواذ على كيانات قائمة ولكن إنشاء استثمارات جديدة لتكون إضافة، وما يحدث يعيد للأذهان خطة أحد رموز الحزب الوطني الذي كان يدعم سيطرة كيان أجنبي على مجموعة من المستشفيات في مصر لكن تم وقفها من جانب مجلس الشعب وقتها لخطورتها على الأمن القومي.

والاستحواذ في مجالات معينة مثل الصحة يعني الاحتكار وتحويل تلك المستشفيات والمرافق المتصلة بقطاع الصحة إلى قبضة جهة واحدة محتكرة لتتحكم في تقديم الخدمة الصحية. وهنا نكون قد انتقلنا من تجربة الاحتكار في عدد من الصناعات مثل الحديد والذي أدى احتكار شخص مثل أحمد عز له إلى تدمير العديد من الصناعات المرتبطة به على مدى سنوات وما زلنا نعاني الأمرين بسببه.

والاحتكار حتى ولو كان يخص قطاعا استثماريا، لا يعني سوى أننا في الطريق إلى شل حركة أي تنافس بين مقدمي الخدمة الصحية ولتسقط حياة الإنسان المصري ضحية جشع وطمع رأس المال الذي انتقل بكل فساده من قطاع الاقتصاد إلى الجانب الصحي المتصل بحياة الإنسان.

والاحتكار هنا قد بدأت أولى مظاهره من خلال زيادة في أسعار الخدمات المقدمة من جانب معامل التحاليل التي سيطرت عليها الشركة بنسبة قد تصل إلى 20%، وسوف ترتفع معها أسعار الخدمات الطبية حتى الاشتعال خلال السنوات القليلة القادمة.

واحتكار الصحة سوف يتجاوز بمراحل كارثة احتكار الحديد لأنه في النهاية سلعة لن تكون سببا في حرمان البسطاء من حق الحياة.
إن مصر تسير نحو المجهول مع تلك الشركات التي يقول تاريخها غير الإنساني رغم عمرها الذي لا يتجاوز أعواما قليلة إنها ولدت مصحوبة باستثمارات لن تجعلها تكتفي بقطاع الصحة لكن وطبقا لتصريحات القائمين عليها فإنها تستهدف الاستحواذ على قطاع التعليم متضمنا المدارس والجامعات.

الشركة العملاقة أعلنت بالفعل عن إنشاء شركتين قابضتين إحداهما للصحة والأخرى للتعليم. وهنا ستتحول إلى محتكر لأهم قطاعين يمسان الأمن القومي لمصر بصورة مباشرة.

صمت الدولة تجاه ما يحدث يجعل الأمر أكثر ريبة، لأن تسلل الشركة للسوق المصرية ليس لإضافة استثمارات جديدة في أي مجال لكن للاستحواذ والاحتكار والقدرة فيما بعد على أن تتحكم في تربية النشء وتقديم الخدمة الصحية وفقا لشروطها.
الجريدة الرسمية