رئيس التحرير
عصام كامل

مصرنا إلى أين؟!


مرت الذكرى الرابعة لقيام ثورة 25 يناير 2011، التي قام بها المصريون بعد أن بلغت بهم القلوب الحناجر، وطغى سيل الفساد الزبى، وبعد أن ضاقت عليهم أنفسهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وبعد أن ظهر الفساد واستشرى وباع واشترى فيهم، وأصابهم في أنفسهم وأرزاقهم في مقتل.


كل هذا من قبل قلة قليلة من أبناء الوطن، استباحت كل غال ورخيص من تراب الوطن من أجل تحقيق مكاسب ومصالح شخصية بحتة، عملا بشعار "أنا ومن بعدي الطوفان".

وربما تخطت الآمال الحاجز إلى مطالبة الرئيس "مبارك" بعدم جدوى "مشروع التوريث"، لكن ربما جرت الرياح بأكثر مما تشتهيه السفن، وتدخلت قوى خارجية أو داخلية لرفع سقف المطالب إلى تنحي الرئيس "مبارك" عن سدة الحكم، وذلك استغلالا "لحطب الشعب" في زيادة تأجيج نيران الغضب على السلطة القائمة والمطالبة بالإطاحة بها، وقد كان!

ففي الوقت الذي كان فيه الخيار الأمثل للمرحلة الراهنة وقتها هو "بقاء الرئيس" حتى اكتمال مدته الرئاسية، ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية جديدة لا يكون هو طرف فيها، وبذلك تمضي الأمور في سلاسة دستورية حتى تسليم السلطة لرئيس جديد.

لكن مرة أخرى، لم يكن ذلك خيارا مقبولا أو مطروحا أمام بعض الأطراف لتطمع في المزيد من القلاقل في البلاد.. وبالطبع الضحية هو الشعب.

لينقلب السحر على السحر، وتعوي الرياح على سفينة الوطن التي كانت رأسية، لتضطرب اضطرابا شديدا لكنها أبدا لم ولن تنقلب، وتصبح البلاد كجمرة نار مشتعلة تتصارع فيها كل القوى ضد بعضها البعض.

لتمر البلاد بأيام وشهور عجاف تخبطت فيها القوى السياسية ببعضها، وتلاعبت قوى خارجية وداخلية بمقدرات الأمور، واختلط الحابل بالنابل، ليستقر الأمر في النهاية بيد "جماعة الإخوان" في 2012، بعد صراعات مريرة بين أبناء الشعب الواحد، بإرادة وإدارة خفية، ربما تكشف الأيام والشهور والسنون عن خباياه وأسراره فيما بعد.

ليمر عام كامل لنصل إلى يوم 30/ 6/ 2013 وقيام ثورة الجماهير للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد رفضهم لحكم "الإخوان"، ليتم بعدها إعلان خارطة الطريق في 3/ 7 وعزل الرئيس "مرسي"، ومطالبة وزير الدفاع وقتها "المشير السيسي" بإعطائه تفويضا لمحاربة الإرهاب وهو ما قد كان.

ليستمر تأجج الأوضاع في الوطن المصري بين فريقين منشقين، أحدهما يؤيد تدخل الجيش وعلى رأسه وزير الدفاع "السيسي"، والآخر يرفض ما حدث على أنه "انقلاب" على شرعية الرئيس المعزول "مرسي".

ويزيد تعقد الأمور قرار اعتصام أنصار الرئيس المعزول في ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة"، والأعقد والأصعب قرار فضهم من قبل السلطة القائمة وقتها، وما حدث من خلافات حول قرار الفض وقتها من جوازه من عدمه.

ليتولى بعد ذلك الرئيس "السيسي" بعد انتخابات رئاسية شبه محسومة لصالحه، إدارة شئون البلاد وحتى وقتنا الحالي.

لكن يبقى هناك جرح أو شرخ في جدار الوطن يتفاوت عمقا من مكان لآخر، ومن منطقة لأخرى، لكن يظل الشرخ موجودا في نفوس بعض المصريين، لسبب أو لآخر، وأرى أنه آن أوان محاولة رأب الصدع ومداواة الجرح في محاولة للم الشمل، والالتفات إلى المستقبل، حتى نستطيع الاحتفال بثورتنا دون خوف طرف من الطرف الآخر أو تربص بعضنا ببعض ريب المنون.

كما أنه على الطرف الأقوى في المعادلة، أن يبادر هو بالمحاولة لأنه في النهاية إن نجح، فإنما يكون مردود ذلك عليه هو أولا، تثبيتا وتمكينا في العبور إلى المستقبل، دون خوف من طعنة من الخلف تأتيه من داخله.

وأرى أن يكون الحل في الحوار بين الطرفين للاستماع إلى الآراء دون فرض شروط من جانب الطرف الأضعف، ولكن يجب أن يستمع كل طرف إلى الآخر ومحاولة التقريب في وجهات النظر، بما يسمح بالوصول إلى نقطة التقاء بين الطرفين، دون جور من أحد الطرفين على حق الآخر في إبداء وجهة نظره كاملة، مع مراعاة مصلحة الوطن في هذه المرحلة الحرجة أولا وأخيرا.

والله الموفق والهادِي إلى سواء السبيل.
الجريدة الرسمية