رئيس التحرير
عصام كامل

في الذكرى الثالثة لـ«مذبحة بورسعيد».. أم تنتظر مكالمة نجلها.. وأخرى تتشبث بملابسه الملطخة بالدماء لتشم رائحته..«الغندور» مات من أجل الحفاظ على بنر «الألتراس»..وصاحب الابت


اليوم الأحد الموافق 1 فبراير 2015، تحل الذكرى الثالثة لحادثة بورسعيد الشهيرة، التي راح ضحيتها 72 مشجعا من جماهير النادي الأهلي، عقب مباراته أمام النادي المصري، والتي تعد الأسوأ في تاريخ النادي الأهلي بل والكرة المصرية والعالمية.

ولهذه الحادثة الكثير من القصص المأساوية التي كشف عنها أهالي الضحايا.

مختلف الأعمار

فالحادثة التي راح ضحيتها 72 مشجعا شملت مختلف الأعمار السنية وتفاوتها، فلا أحد يستطيع نسيان الطفل أنس، صاحب الابتسامة البريئة، ولا القلب الطيب القائد والكوماندا "محمود الغندور" مؤسس مجموعة ألتراس ديفيلز.

صاحب الابتسامة البريئة

أنس الطفل الذي لم يتعدى عمره وقت المذبحة 16 عاما، مات لعشقه للأهلي، مات وهو حريص على مؤازرة ناديه ومساندًا له في مبارياته الهامة.
راح أنس وحيد أبويه ضحية عنف الملاعب والمزج بين الرياضة والسياسة، فرغم صغر سنه إلا أنه كان حريصًا على السفر خلف الفريق في كل الرحلات الخارجية له، وفي بعض الأوقات يسعي لإخفاء حقيقة سفره عن والديه حتى لا يمنعوه من السفر ومؤازرة ناديه.

أنس مات مختنقًا في ممر ضيق تدافع فيه المئات من جماهير الأهلي الذي دائمًا ما كان أنس حريصًا على الاحتماء بهم والارتماء في أحضانهم والهتاف معهم.

الغندور.. مات لتعيش المجموعة

ومن الضحايا الذين سقطوا في أحداث بورسعيد القائد والكوماندا "محمود الغندور" الذي تم قتله عمدًا لتمسكه بالمحافظة على بانر المجموعة الذي يعد "شرف" كل فرد في هذه المجموعة والاستيلاء عليه من قبل مجموعة ألتراس أخرى يعني حل هذه المجموعة وتسريح أعضائها.

عقلية الغندور الذي رفض أن يتم حل مجموعته بهذه الطريقة المهينة التي يرفضها كل من يعلم عقلية الألتراس جعله يلقي بجسده على بانر مجموعته ولم يكن يتخيل أن يقوم مصري مثله بقتله عن طريق الخنق والطعن لكي يأخذ هذا البانر منه.

وعندما أراد شقيقة الغندور الاطمئنان عليه رد عليها الجاني بمنتهى الخسة قائلا:" أخوكي اتقتل وأنا اللي قتله، وهاتفه معايا حتى يكون عبرة لأى أهلاوي يرغب في الحضور لبورسعيد مرة أخرى ".

ولم تستوعب شقية "الغندور" ما يقوله هذا المختل لها وأعطت الهاتف لشقيقه الذي تلقى الكلمات من القاتل الذي يتحدث عن قتل أخيهم بدم بارد، ومن نبرة صوته تأكد شقيق محمود من وفاة شقيقه خاصة بعد اتصاله بأكثر من عضو بالمجموعة ووجدهم يؤكدون له أنهم لا يروا شقيقه وسط الناجين والمصابين.

الأكثر دموية

حادثة بورسعيد هي الأكثر دموية وقسوة في تاريخ النادي الأهلي وفي الملاعب المصرية بها العديد من القصص التي يرويها أولياء أمور الشهداء الذين توجهوا مباشرة بعد ورود معلومات عن سقوط عدد كبير من الشهداء إلى بورسعيد، وعند معرفتهم بموت ذويهم توجهوا إلى المستشفيات ليجدوا أبنائهم عراة في ثلاجات الموتي منزوع عنهم ملابسهم وملفوفين في أكياس بلاستيكية لا تليق ببني آدم مصري يعيش في بلده، فمنهم من لم يستطيع تحمل المنظر فسقط مغشيا عليه، ومنهم من صبر، ومنهم من فقد حياته بعد وفاة نجله كوالد "كريم خزام" أحد أعضاء الألتراس الذي لم يتحمل وفاة نجله الوحيد وأخذ يفقد عقله يومًا وراء يومًا حتى لحق بنجله حزنًا عليه وعلى ما حدث له.

شهادة أبو تريكة

ويروي محمد أبوتريكة، لاعب النادي الأهلي أغرب قصة تعرض لها عند زيارته لمنزل أحد الشهداء، مؤكدًا أنه فوجئ بوالدة الشهيد تقوم بالاتصال به على هاتفه المحمول بعد وفاته بعشرة أيام وقيامها بدفنه بيدها في مدافن الأسرة، وعند محاولته تهدئتها أكد له والد الشهيد أنها تقوم بذلك منذ دفنه وأنها على يقين من قيامه بالرد عليها.

وأضاف أبوتريكة بأن هذه القصة لن ينسهاها طوال عمره خاصة وأنها أثرت فيه بشدة.

قصص واقعية

ومن القصص التي لا تنسي وحدثت من أهالي الشهداء قيام والدة أحدهم بالاحتفاظ بحذاء وبملابس نجلها الملطخة بالدماء واحتضانهم لمدة شهرا كاملا رافضة تركهم وتقوم باصطحابهم معها في جميع تنقلاتها، مؤكدة أنها تشم رائحة نجلها.

الجريدة الرسمية