رئيس التحرير
عصام كامل

عفواً الفنانة شادية


سينا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم في عيد
جاءنى صوت مطربتنا الجميلة شادية، يرن في أذنى بمنتهى الثقة كأنه يتحدانى، وهى تشدو بهذه الأغنية، التي غنتها في الثمانينات، احتفالًا بتحرير سينا، وتذكرتها بفستانها الأبيض، ووشاحها الأخضر، وشعرها يتطاير في الهواء، وهى تعيد وتزيد لتؤكد لنا أن مصر اليوم في عيد، مصر اليوم في عيد.

ظلت كلمات الأغنية يتردد صداها في أذنى، كأن شادية نفسها تلح علىّ أن أغنى معها ولكن عفوًا سيدتى، فنحن نعيش كابوسًا هذه الأيام، يجعل من ترديد كلمات أغنيتك شيئا صعبًا على نفسي، أنا أوافقك تمامًا في أن سينا رجعت كاملة لينا، وأخالفك تماما في أن مصر اليوم في عيد، فمصر اليوم في حالة حداد شوارعها وطرقاتها ودروبها كلها متشحة بالسواد.
مصر أصبحت سرادق عزاء كبير، لكل شهيد سقط، في معركة الحياة أو الموت التي نخوضها هذه الأيام،من أجل أن تظل سيناء كاملة لنا، ولا تضيع من بين أيدينا من جديد.
فعدونا اليوم سيدتى، لا يرتدى الملابس العسكرية، التي يرتديها رجال الحرب في أي معركة قتالية، يخوضها دفاعًا عن وطنه وشرفه العسكري.
عدونا اليوم عدو جبان غير شريف، من طيور الظلام الملثمة، المظلمة الفكر والعقيدة لا يخوض حرب مبادئ، من أجل الشرف والأخلاق، ولاهو صاحب قضية، فهو مرتزق مأجور، ضميره ميت، وعقله غائب تم غسله وكيه، على يد من اشتروه بحفنة دولارات، وأوهموه أنه يجاهد في سبيل الله، والله منه برىء إلى يوم الدين.
حزموه بحزام ناسف يحوله إلى أشلاء في ثانية، وأقنعوه أن حوريات الجنة ستعيد تجميعه في جنة الخلد، وودعوه على بركة الله سِر، فأنت من المجاهدين الموعودين
الظافرون بمجاهدات النكاح في الدنيا، وحوريات الجنة في الآخرة.
عدونا سيدتى لا دين له ولا وطن،لا يبالى بدموع الأمهات، ولابكسرة الآباء،لا ترمل الزوجات يعنيه، ولا تيتم الأطفال يؤرق منامه، فأطفالهم يرضعون الدماء، ويخطون أولى خطواتهم على صوت الآلى والخرطوش، نساءهم مجاهدات نكاح، لاتعرف من زوجة من؟ ولا من أم من؟ كلهم آباء لأطفالهم وكلهم رجال لنسائهم.
الكل تحت راية الضلال والفجور، باسم الجهاد والدين.
عدونا سيدتى لم يتعلم" زَ رَ عَ   حَ صَ دَ" مثلنا في مدارسنا، عدونا زرعه قنابل وألغام موقوتة، وحصاده أشلاء مجاهديه، وأرواح شهدائنا الأبرار.
عدونا لا يفرق بين آذان مسجد، ولا جرس كنيسة، شرابه دماء وغذاء جسده نساء.
عدونا لا دين له، ولا وطن، ولا يعرف له انتماء وليس عنده ولاء.
فعذرًا سيدتى سيظل صدى أغنيتك في أذنى، لن أردده الآن فمصر كلها في سرادق العزاء.
ولكن سيكون صوتك أيقونتى، وسأفرح وأغنى معك، مصر اليوم في عيد، مصر اليوم في عيد
بعد القصاص لكل الشهداء.



الجريدة الرسمية