رئيس التحرير
عصام كامل

متسولون في مطار القاهرة


الأسبوع الماضى في مطار القاهرة كنت مستقبلا ومودعا لأختى، غير أننى صرت على يقين كامل أن تلقى الرشوة ومد الــ"إيد" وكشف الوجه في المكان الذي يمثل واجهة للبلد، ويتشكل فيه ومنه الانطباع الأول والأخير للزوار والسائحين، سيظل كما هو منذ زمن مبارك وغير مبارك، وأن 4 سنوات من الثورة لم تقض على واحد من أسوأ السلوكيات التي استشرت بلا أمل في القضاء عليها.


في المطار لاشيىء تغير، ما زال هناك من يقف على باب الحمامات ويقول لك بإلحاح "حمد الله على السلامة ياباشا، نورت مصر، فين الحلاوة بقى" حتى أنك تشعر بالخجل وانعدام الذوق إذا لم تعطه مالا، الغريب أنه يردد هذه العبارة في وجه كل من يدخل ويخرج من الحمامات، الأغرب أن ذلك التصرف غير الحضارى يتكرر في حمامات الرجال والنساء على حد سواء، في المطار أيضا هناك من يخرجون لك من تحت الأرض وأنت تضع الحقائب في السيارة ليقولوا لك "حمد الله على السلامة ياباشا، نورت مصر" وهؤلاء ليسوا شخصا واحدا أو اثنين بل أربعة كل واحد منهم يطلب "الحلاوة"، بل قد لاتعجبه الجنيهات العشرة وينظر اليك مندهشا باعتبارك رجل "بخيل" و"غير سخى".

بعد مغادرة أختى اضطرت أختى لعقد مقارنة بين مطار الدولة التي كانت مسافرة إليها ومطار بلادها ولم تكن بالطبع لصالح الأخير، فلا وجود لهذا السلوك المشين ولا مليم يدفعه المسافر بشكل غير شرعى، بل إن عمال الحقائب وكل العمال يرفضون تلقى إكراميات لأن الكاميرات موجودة والتعليمات مشددة و"أكل العيش" مهدد.

كانت أختى تصطحب ثلاثة أطفال صغارا تحمل إحداهن على كتفها، ومراعاة للبعد الأخلاقى والإنسانى رفض ضباط المطار الذي وصلت إليه وقوفها في طابور الجوازات، بل كلفوا أحد العمال بسحب حقائبها ومرافقتها حتى خروجها من المطار مراعاة لظروفها، بل ورفض ذلك العامل تقاضى أي إكرامية، وإذا كان هذا انطباع أختى، فالمؤكد أنه انطباع الآلاف الذين يغادرون مصر يوميا.

لكن في مطار القاهرة تجد نفسك مضطرا لأن تكون "بنكا" تدفع لإرضاء عشرات الأشخاص الذين يؤدون لك خدمة والذين لايؤدون، في المطار أيضا وأينما كنت هناك من يكشف وجهه بصفاقة ويمد يده ويطلب منك رشوة بلا رقيب أو حسيب.

ثم أين كاميرات المراقبة التي تغطى كل شبر في المطار؟ ولماذا لايوقع مدير أمن المطار جزاءات على هؤلاء الذين تضبطهم الكاميرات وهم يمدون أيديهم ويعلن عن هذه العقوبات في وسائل الإعلام ليرتدع الآخرون.

لو أصبح أي عامل أو موظف في المطار على يقين أن لجوئه لمثل هذا السلوك المشين غير الحضارى سيكون سببا في قطع عيشه أو تهديد رزقه، لن يفعل، لكن للأسف يبدو أنه لا أحد في المطار تهمه سمعة البلد.

الشيء نفسه يحدث عند منطقة الأهرامات ومناطق سياحية كثيرة في مصر، فالمضايقات من جانب البلطجية في داخل وخارج تلك الأماكن أكثر إيذاء وإيلاما للزائرين، إلى درجة تكره معها الذهاب وتقسم أنك لن تدخلها مرة أخرى.

مازلت أحلم بأن أذهب إلى مطار القاهرة دون أن أتعرض لمضايقات من عشرات المتسولين الذين يبتزون ويضايقون القادمين والمسافرين والسائحين، وإذا كنا سنترك هؤلاء الذين يشوهون وجه مصر أمام زوارها في المطارات والأماكن السياحية.. فقل على سمعة البلد السلام.

الجريدة الرسمية