رئيس التحرير
عصام كامل

ثورة مجيدة.. مواطن ومخبر وإخواني


أتعجب من البعض الذين يعايرون مؤيدي ثورة 25 يناير ويطلقون عليهم أبناء مجيدة، في إشارة إلى أن ثورة يناير هي مجيدة، وكأن وصف مجيدة شيء سيئ، ومع ذلك فهي مجيدة، ورغم استحقاركم، هي ثورة رغما عن أنوفكم، هي مجيدة وموتوا بغيظكم.


وبالأمس القريب كانت الذكرى الرابعة لقيام ثورة يناير، التي أشاد بها العالم أجمع، وجعلت الكبار قبل الصغار ينحنون لها ولثوارها، ولكن لننظر إلى حصيلة ذلك اليوم.

مواطن تم إحراق "التاكسي" الذي يملكه، الذي يعتبر مصدر رزقه الوحيد أثناء الاشتباكات بين المحتجين وقوات الشرطة، التي أدت إلى احتراق التاكسي، وبالتالي اكتوى ذلك الغلبان بنار الثورة التي قامت من أجل الغلبان في الأساس.

"مخبر" وهم جنود الأمن المركزي، الذين قتلوا برصاص الإخوان في معركة لا يدركون منها شيئا؛ نظرا لأنهم أميون لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، ولكنهم يجيدون تنفيذ الأوامر فقط التي تصدر من الباشا، ماتوا دون أن يعرفوا أنهم يواجهون جماعة من اللصوص وتجار الدين بل إنهم حتى لا يعرفون ما الذي حدث أمامهم ولا يريدون أن يعرفوا، هم يريدون إنهاء مهمتهم والعودة لحقولهم وقراهم التي لا يعرفون غيرها.

"حرامي" وهم جماعة الإخوان الإرهابية، التي زجت بأعضائها المغفلين إلى معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فقيادات المحظورة تدرك جيدا أن كل تظاهراتهم لن تغني ولا تثمن من جوع، ولكنها أقنعت تابعيها بأن مرسي سوف يعود يوم 25 يناير إذا تظاهروا، ومات أعضاء المحظورة وهم مقتنعون بأن مرسي في طريقه مرة أخرى إلى كرسي العرش، ولم يدركوا أن دماءهم لم تكن أكثر من مادة سوف يتم استغلالها للشو الإعلامي من أجل حصد المكاسب السياسية والمالية، التي تعود بالنفع على قادة الإخوان دون غيرهم.

ولكن الحرامي اليوم اعترف وبشكل علني، بأنه لا فرق بينه وبين داعش من حيث التفكير، فالعنف مبدأ والقتل صلاة والحرق عبادة، من وجهة نظرهم.

اليوم أعلن الإخوان وبشكل رسمي، أنهم مسئولون عن زراعة القنابل في كل مكان، وأنهم يجيدون تنفيذ عمليات الاغتيال المنظمة كأي فرقة داعشية مسلحة.

ولأن الحرامي عندما يصبح مسجل خطر، فإن وجهه أصبح معروفا للجميع، فلا يستطيع إلا أن يلجأ إلى التخفي في هيئة حركات ومجموعات تحمل اسما ما، إضافة إلى الكلمة الشهيرة "ضد الانقلاب"، ولكنهم يعرفون جيدا أنه لا أحد سيستمع لهم فهم أصبحوا منبوذين، ويمكن للمرء أن يتعرف عليهم من رائحتهم النتنة حتى لو تنكروا في هيئة ملائكة.

فلجأوا إلى الاندساس وسط المجموعات الثورية التي ترى أن الثورة لم تحقق أهدافها، وأن اليأس خيانة، وأن الثورة مستمرة، ولم يكن أمام الإخوان سوى هذا الطريق؛ لأنه لا يمكنه فعل ذلك بنفسه فهو يحتاج إلى غطاء ثوري شريف لا يمكن أن يزايد عليه أحد، ومارس الإخوان هوايتهم في ركوب الموجة وتسلقها وامتصاص رحيق "الورد اللي فتح في جناين مصر"، فتلك عادتهم يقتاتون كما تقتاط حشرة البق على دم ضحيتها.

الإخوان عند سقوط الشهيد مينا ماهر، الطفل ذي العشر سنوات في المطرية، أقاموا الدنيا وأقعدوها على أنه واحد منهم قد قتل، وامتلأت صفحاتهم بصور الشهيد، وعندما علموا أن اسمه مينا وهو مسيحي عدلوا صياغة ما نشروه لينقلب الوضع من شهيد إلى بلطجي مندس بينهم، والشرطة قتلته، "لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله". 

كان هذا ملخص أحداث 25 يناير 2015، ولكن دعوني أذكركم بأن الثائر الحق لا يحرق ولا يدمر مثل الإخوان، لذا وجب التنبيه، ونصيحتي لمرضى الإسهال الثوري أنه لا يوجد ثائر يظل ثائرا مدى الحياة، فلابد أن يجلس يوما إلى طاولة المفاوضات، حتى جيفارا الذي تتخذون اسمه شعارا، ترك الثورة وجلس إلى طاولة المفاوضات في وقت ما، فالثورة فكر وليست اندفاعا، ولا يمكنك أن تثور دون خطة فتتوه وتصبح أحمقا في نظر الجميع.

تساقط الجميع في صراع سياسي انزلق بهم إلى بحر الدم، استشهد ومات من مات ولم نحقق الكرامة للمواطن الغلبان، ولم يرجع المجند الأمي إلى قريته ومات وهو ينفذ تعليمات الباشا، ولم ير الإخوان مرسي في القصر الساعة 4 العصر.

الكل خاسر ومازالت اللعبة مستمرة.
الجريدة الرسمية