رئيس التحرير
عصام كامل

العدالة بين الجنسين في التعليم الجامعى ضرورة قومية


تعد مشكلة الزيادة السكانية واحدة من المشكلات الأساسية التي تواجه المجتمع المصرى، وتنعكس آثارها السلبية على كافة مناحى الحياة في المجتمع، ويتأثر التعليم بشكل مباشر بالمشكلة السكانية كما يؤثر فيها.


تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن صعيد مصر وريف بحرى والأحياء الشعبية والأحياء العشوائية تعد من أكثر المناطق من حيث ارتفاع نسبة المواليد، وتشير ذات الإحصائيات إلى أن الأقل تعليما هو الأكثر إنجابا، كما أن الأكثر فقرا هو الأكثر إنجابا، ما يفرض أعباءً جديدة على الدولة لضمان توفير فرص تعليم ملائمة.

كما تشير ذات الإحصائيات إلى أنه كلما ارتفع مستوى تعليم الفتيات قل معدل الإنجاب لديهن، وكلما زاد المستوى الاقتصادى الاجتماعى للأسر قل لديهم معدل الإنجاب، كما يشير الواقع الاجتماعى إلى دور أكثر فاعلية للأم المصرية في متابعة تعليم الأبناء، إضافة إلى دور أكثر إيجابية في تقديم خدمات التربية والتعليم والصحة والتمريض وغيرها.

وتؤكد المؤشرات الإحصائية السابقة في مجملها العام أن التعليم الجامعى للفتاة المصرية يعد ضرورة قومية أكدتها المادة الحادية عشرة من دستور 2014، التي نصت على مسئولية الدولة تجاه المساواة بين الجنسين.

ورغم أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم الجامعى، حيث بلغت نسبة التحاق الفتيات بالجامعات 48،6 %، إلا أن هذه الإحصائيات حينما يتم ربطها بالمناطق الجغرافية والتخصصات العلمية يتم التأكد من وجود فجوة حقيقية، حيث تقل نسبة التحاق الفتيات في ريف الوجه القبلى بشكل ملحوظ عن الذكور، كما يلاحظ وجود فجوة حقيقية بين الذكور والإناث على مستوى التخصصات الدراسية حيث يزيد التحاق الذكور بالتخصصات العملية مقابل زيادة التحاق الفتيات بالتخصصات النظرية.

ويكمن التفسير العلمى لهذه الفجوات في وجود ثقافة تقليدية في بعض المناطق الريفية تقوم على تفضيل إتاحة فرصة التعليم الجامعى للذكور مقارنة بالإناث، وكذلك تفضيل زواج الفتيات عن الالتحاق بالتعليم الجامعى، والميل لالتحاق الذكور بالكليات العملية والفتيات بالكليات النظرية.

وتؤكد المؤشرات السابقة أن تحديث ثقافة المجتمع الريفى يعد ضرورة قومية لتحقيق العدالة بين الجنسين في التعليم الجامعى بما يضمن دورا أكثر فاعلية للمرأة المصرية في قضايا التنمية الشاملة خلال المرحلة القادمة، وبدون تحديث المنظومة الثقافية للريف المصرى يصعب أن تؤدى السياسات والقرارات الرسمية إلى تغيير حقيقى على مستوى تحقيق العدالة بين الجنسين في التعليم الجامعى.

إن متطلبات التنمية الشاملة تستدعى دورا أكثر فاعلية للإعلام المصرى والعناصر الثقافية الفاعلة في المجتمع في تحديث المنظومة الثقافية للريف المصرى لتصبح داعمة لسياسات الدولة المحققة للعدالة بين الجنسين في التعليم الجامعى.

الجريدة الرسمية