رئيس التحرير
عصام كامل

من قتل شيماء الصباغ!



لا يكفي أن تعلن وزارة الداخلية، على لسان المتحدث الرسمي أنها بريئة من دم الشهيدة شيماء الصباغ، أو التأكيد بأن قواتها لم تستخدم سوي القنابل المسيلة للدموع في مواجهة متظاهرين ينتمون إلى حزب يساري يدين استخدام العنف وليس بينهم وبين الدولة عداء وإن كانوا يختلفون مع بعض سياساتها.. وهذا حقهم الطبيعي.


وإنما تتحمل الوزارة المسئولية الكاملة عن تقديم الأدلة القاطعة التي تثبت براءة أفرادها.. بل إن تقدم المجرم الذي ارتكب تلك الجريمة النكراء التي وقعت في قلب القاهرة وأمام تواجد كبير من قوات الشرطة.. وسجلت الفضائيات الحدث من كافة الزوايا.. ولا يمكن أن تقيد ضد مجهول كما حدث في الجرائم السابقة منذ ٢٥ يناير ٢٠١١.

ولابد أن قاتل شيماء كان يدرك تأثير رحيلها على رفاقها الذين أحبوها واحترموها، لأنها كانت مناضلة بحق عملت في المناطق العشوائية لتحسين مستوي الحياة بين سكانها، أو في مساعدة العمال في الحصول على حقوقهن المشروعة بالوسائل القانونية.

ولابد أنه كان يعرف أيضا أنها تصدت لجماعات الإسلام السياسي في الإسكندرية واعتبروها من أشرس خصومهم، ويعرف أيضا أنها شاركت في ثورتي يناير ويونيو، ولم تغادر ميدان التحرير حتى رحيل مبارك.

الأمر المؤكد أن القاتل حقق أكثر من هدف واحد، فقد مكن جماعة الإخوان من الادعاء بأن مقاومة «الانقلاب!!» لا تقتصر على أنصار تيار الإسلام السياسي وحده.. إنما تشمل باقي التيارات السياسية، وها هي مناضلة يسارية تقتل خلال مشاركتها في مظاهرة سلمية، تطالب باستكمال تحقيق أهداف ثورة يناير ولم يشفع لها أنها كانت تنتمي إلى حزب سياسي رسمي كان يشارك منذ أيام قليلة في لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع قادة الأحزاب.. الهدف الثاني الذي تسعي الجماعة إلى تحقيقه ما أحداث الوقيعة بين الشباب والشرطة، بعد أن كادت الثقة تعود بينهما، ساعد على تحقيق هذا الهدف، الزعم بأن الشهيدة تنتمي إلى تجمع الاشتراكيين الثوريين.. وهي جماعة غير رسمية، تختلف في توجهاتها عن حزب شرعي هو التحالف الشعبي.

ولا يوجد طريق لإسقاط أهداف الجماعة، سوي إجراء تحقيق سريع وشفاف يكشف الحقائق للمواطنين، وقد أعلن النائب العام عن بدأ التحقيقات حتى ينال المجرم عقابه، ويدخل في إطار سد الطريق أمام محاولات الجماعة لإشعال الفتن بين الشباب والشرطة، ما أعلنه رئيس الوزراء عن ثقته الكاملة في أن نتائج التحقيقات ستتوصل إلى الجناة، وأن المخطئ سينال عقابه، وأن دولة ٢٥ يناير تحترم القانون وتطبقه على الجميع.

تنفيذ الوعود التي قطعها رئيس الوزراء بألا تمر الجريمة دون عقاب، وأن النيابة العامة ستتوصل إلى الجناة من شأنها أن تطمئن المواطنين على السياسات المعلنة للدولة بأنها تطبق القانون على جميع مواطنيها دون تفرقة.

ويخطئ من يظن أن جريمة قتل شيماء الصباغ، يمكن أن تقيد ضد مجهول.. لأن الرأي العام لم يعد يقبل هذا الأسلوب في التعامل مع شهداء الوطن.
الجريدة الرسمية