رئيس التحرير
عصام كامل

حقيقة مقتل شيماء الصبّاغ


لا أعرف كيف أبدأ الكلام عن شيماء الصباغ... تلك الفتاة الرقيقة الجميلة التي أثرت قلوب من عرفوها ببساطتها وأسلوبها، شيماء فتاة مصرية لم تكن تحلم سوى بوطن يحتضنها ويحتضن أسرتها الصغيرة المكونة من طفلها الصغير وزوجها، سقطت أمس شيماء شهيدة، ليفتح القبر أبوابه ويستقبل جسد شابة من شباب مصر، وتزيد الجراح جرحا جديدا.



شيماء هي المعنى الحقيقي لكلمة مصر وشعبها بكل ما تحمله الكلمة من معان وألفاظ بائسة أو سعيدة، أحاسيس نعيشها أو نفتقدها..
 سقوط شيماء أظهر أقبح ما فينا وفى نفس الوقت أظهر أجمل مافينا... فبمجرد إطلاق الرصاص على قلبها الذي يحوى وطننا بكامله ثارت الشائعات وتبادل المصريون الاتهامات منهم من اتهم الشرطة بقتلها ومنهم من اتهم الإخوان بقتلها ومنهم من طلب لها الرحمة والمغفرة ومنهم من اتهمها بالعمالة والخيانة للوطن.

ولكن يبقى موقف جهة واحدة هو الأكثر غموضا موقف الوطن اتجاه أبنائه الذين يتساقطون مثلما تتساقط أوراق الشجر في الريح العاتية.

فأنا لا أعرف إن كان من قتلها هم الإخوان فلماذا لم تحمها الشرطة.. ولماذا لم تلق القبض عليهم ليقتص الشعب منهم كما اقتصوا جزءا من قلب الوطن، وإن كانت الشرطة من قتلتها خاصة مع تأكيدات الطب الشرعي أنها مصابة بخرطوش "حكومي" فهل سنظل نواجه شباب الوطن بالرصاص، هل سنظل نواجه الكلام بالقتل، هل سنظل نواجه الرأي الآخر بإزهاق روحه، مع العلم أن وقفتهم كانت سلمية بشهادة الشرطة نفسها ولم يكن هناك شغب يستدعي استخدام العنف. 
لا أدرى ما يحدث في مصر، ولماذا وصلنا إلى تلك المرحلة التي أصبح فيها دماء الشباب أو المواطن عبارة عن منفعة عامة مباح للجميع يمكنك قتله أو ذبحه أو اغتصابه حتى... فالمصري أصبح بلا ثمن!

فرنسا أقامت الدنيا وأقعدتها لمقتل 3 صحفيين على يد شرذمة من الإرهابيين بل وخاضت حربا عالمية ضد الإرهاب في كافة أنحاء أوربا للقصاص لصحفييها، أما في مصر حدث ولا حرج القتل أسهل من شرب الماء، العنف أسلوب حياة.
أتدرون من قتل شيماء؟ ... نحن أول من قتلها بسلبيتنا وصمتنا بتشكيكنا في بعضنا البعض إن لم نقتلها فعليا، فلقد شاركنا في دم من قتلها.

شيماء سيتفرق دمها بين القبائل ولن نعرف من قتلها، وأنتم تعرفون ذلك وأنا أعرف ذلك ومن قتلها يعرف ذلك وستكون النتيجة "صفر" لا شيء، وسننسى كما نسينا من قبل فنحن شعب يعشق السمك ليس لفسفوره وإنما لسرعة نسيانه.

وأخيرا.. ألم يأن لتراب الوطن أن يشبع من دمائنا.. ألم يأن للصراخ والعويل والقتل أن يهجرنا؟... متى نحترم حرمة الدم والإنسان؟ متى ينتفض النظام لحقن دماء الشباب؟ متى نعرف الحقيقة؟!
رحمك الله يا شيماء، كنتِ شمعة أضاءت جزءا من ظلام نفوسنا. 


الجريدة الرسمية