رئيس التحرير
عصام كامل

وإنا لفراقك يا أبا متعب لمحزونون


الجمعة 23 يناير يومًا ليس كأي يوم، جاء متشحًا بالسواد ليعلن مع الخيوط الأولى للنهار، رحيل حكيم العرب نبيل الخلق والأخلاق.. رجل المواقف الشجاعة والقرارات الجريئة.. خادم الحرمين حامي ثاني القبلتين.. رحل مليك القلوب وملك الإنسانية حامل لواء الدفاع عن الإسلام.. الناصر للمستضعفين في كل مكان.. رحل المخلص لعروبته وبني جلدته.. المحب لمصر الداعم لإرادة شعبها.. المساند لثورتها ضد جماعات الإفك والتضليل..


رحل كبير العائلة العربية وترك الأمة تعاني مرارة الشعور باليتم وحسرة الفقد.. لا نبالغ إذا قُلنا سقطت اليوم ورقة من أوراق شجرة الرجولة وذبلت الأغصان حزنا، فبكت القلوب وتحشرج أنين الوجع في الحناجر.. وتعطلت لغة الكلام عن إيجاد مفردات تليق برثاء من دمعت الأرض لرحيله، واعتصرت الأفئدة لفراقه.. مصاب جلل جاء في وقت كارثي تمر فيه الأمة العربية والإسلامية بأخطار جسيمة وأزمات خطيرة، وتكالب عملاء الغرب كالذئاب على المنطقة.. 

رحل "أبو متعب" في وقت يقع فيه الخليج بين مطرقة الحوثيين وسندان الدواعش، وكل منهم يصوب سهامه إلى قلب السعودية.. رحل "أبو متعب" رجل الحل والعقد الذي امتلك مفاتيح الحكمة والقدرة على توحيد الصف، الذي وضع حدًا لتصرفات طفل قطر المدلل ووضعه هو ودويلته في حجمهم الطبيعي.. رحل الحاكم العربي الذي حظى بحب واحترام الشعب المصري - بعد الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله - فالمواطن المصري يقدر الرجال حق قدرهم ولا ينسى من وقف بجانبه ومن وقف ضده..

و"أبو متعب" لله وللتاريخ لعب الدور الأكبر، ووقف كحائط صد يذود عن مصر وشعبها ضد الهجمة الغربية الشرسة التي تعرضت لها بلادنا عقب ثورة 30 يونيو و3 يوليو.. سنظل ما حيينا نتذكر كيف قاد جلالته ووزير خارجيته حربًا دبلوماسية قلبت الموازين، خاصة الموقف الفرنسي والبريطاني.. ولن ننسى أيضًا رسالته للغرب أن في حال فرض عقوبات على مصر ستقف المملكة إلى جانب القاهرة حتى آخر ريـال في خزينتها، فأضعف بذلك الموقف الأوربي وجعلهم يتراجعون عن التهديدات، وكذلك دعوته المحترمة لعقد مؤتمر لدعم الاقتصاد المصري..

رحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، تاركًا له في قلب الشعب المصري رصيدًا لا يفنى من المحبة والدعوات والابتهالات للمولى عز وجل، أن يشمله برحمته وغفرانه، ويسكنه الفردوس الأعلى بصحبة النبيين والصحابة والصديقين وأوليائه الصالحين..

رحل "أبو متعب" والعزاء ليس للشعب السعودي فقط بل العزاء لأنفسنا، فالفقيد فقيدنا والمصاب مصابنا.. ألهمنا الله جميعا الصبر والسلوان، ووفق ولاة الأمر الجدد في المملكة إلى خير البلاد والعباد وخدمة العرب والإسلام.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا أبا متعب لمحزونون.

awaad99@gmail.com
الجريدة الرسمية