رئيس التحرير
عصام كامل

غضبة شعبية.. تعددت الأسباب.. ولكن!


تعددت الأسباب التي دفعت الشعب للخروج ثائرًا في 25 يناير، لكن توقيتها كان سياسيًا بامتياز؛ إذ تزامن مع احتفالات الشرطة بعيدها السنوي.

حصد جهاز الشرطة الجانب الأعظم من الغضب والانتقام، وليس التوقيت وحده هو دليل الاستهداف الذي بدا عشوائيًا في ظاهره، لكنه كان مخططًا في حقيقته، مستلهمًا أفكار حروب الجيل الرابع الأعنف الهادفة لإسقاط الدولة وأعمدتها الأساسية متمثلة في أجهزة الأمن والجيش والقضاء والإعلام.. أو نظرية الفوضى الخلاقة التي راحت أمريكا تهيئ المنطقة لها، وساعدها في ذلك دول وأجهزة مخابرات وأناس من بني جلدتنا، لكل مآربه ولكل غاياته التي لم يكن من بينها الحفاظ على مصر، ولا تخليصها من طغمة الفاسدين بل كان الهدف نهبها واستنزافها وتركيعها، ولتمرير المخطط الآثم بتمزيق أوصال المنطقة وتقسيمها.

ثورة يناير غضبة شعبية بامتياز، صادفت ألمًا مكبوتًا في نفوس المواطنين منذ عقود، من تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وانسداد قنوات التواصل مع الشارع، والأهم انسداد آفاق المستقبل والأمل والحلم والتغيير الحقيقي الذي يلتمس نجاحه من القاعدة الجماهيرية العريضة وليس من داخل الحزب الحاكم أو من رأس السلطة التنفيذية.

لم يكن جهاز الشرطة - رغم تجاوزات بعض أفراده - عمقت الشرخ، وباعدت بين رجل الشرطة والمواطن فيما مضى.. لم يكن هذا الجهاز رغم اتهامه بالقسوة في معاملة الشعب، سوى ضحية السياسة وأخطاء الحكام الذين حملوه ما لا يطيق من المهام، وتركوه وحده يواجه مصيره، ويحصد كراهية الشارع وغضبته.

كانت الشرطة مثقلةً بملفات ليست من اختصاصها الأصيل، فهي صاحبة الكلمة الأولى في التعيينات الحكومية كبيرها وصغيرها، والترقيات والبعثات العلمية، والإضرابات والحياة الجامعية والنقابات والأحزاب والانتخابات.. لذلك أهمل الأمن الاجتماعي وتفرغ لأمن الحاكم وأركان نظامه.
الجريدة الرسمية