رئيس التحرير
عصام كامل

.. ورحل الرجل الطيب


رحم الله الملك عبد الله بن عبد العزيز، فقد كان رجلا فى زمن عز فيه الرجال.. قدم نفسه حكيمًا عربيًا وحاكمًا من الطراز الأول، ونجح في العبور بدفة بلاده إلى بر الأمان فى وقت كانت معظم العواصم العربية تتأرجح بين الفوضى والثورة واستطاع بمهارة وحنكة سياسية أن يمضى بالمملكة في هذا البحر المتلاطم من التغييب والتغريب والثورة والفورة والفوضى، فكان مثالا يحتذى فى إدارة الأمور بذكاء شديد.

والملك عبد الله واحدٌ من جيل عربىّ عاش زمن النكسة وعصر النصر، وكان قاسمًا مشتركًا فى كل ما مر بالوطن العربي من أفراح وأتراح، فلم يهن يوما ولم يضعف وتعامل مع مفردات عصره بفكر منفتح وقراءة متأنية لما يحاك للمنطقة بأسرها.. قاد السفينة إلى بر الأمان وتعامل مع الأحداث الجسام بهدوء يحسد عليه وأدرك طوال حياته أن الإرادة الإنسانية أقوى من كل المؤامرات، وأن شعبا متماسكا يستطيع أن يواجه التحديات مهما كان حجم المؤامرات.

عاش حياته مهمومًا بوطنه الكبير حاملا الأمل للمملكة العربية السعودية وفى الوقت الذى سقطت فيه عواصم كبرى وانهارت فيه أسوار مدن عتيقة، نجا ببلاده من كل هذه الهزات ولم يتجاهل عروبته ولا قوميته ولا دور بلاده فى إنقاذ مايمكن إنقاذه.

وطرق الملك عبد الله باب الحداثة والتطوير دون أن يفلت من يديه تقاليد عريقة وقيم أصيلة، فنجح فى إخراج المرأة السعودية من مزلها ومنحها حقوقًا مهمة مثل حق التصويت والعمل وفتج المجال أمام الدراسات العلمية والتكنولوجية بجامعته أمام المرأة والرجل على حد سواء ونقل بلاده نقلة نوعية في زمن قياسى.. رحل الرجل الطيب تاركًا فينا حزنًا عميقًا علي فقده.

رحم الله الملك عبد الله وجزاه خيرا على أعماله ومنح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان القدرة على استمرار العطاء وجعله خير خلف لخير سلف .. اللهم آمين.
الجريدة الرسمية