رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصر في عيون الإعلام الإسرائيلى منذ «25 يناير» حتى «30 يونيو»



يحتل الشأن المصرى دائمًا أهمية كبري لدى الإعلام الإسرائيلى، وقد تضاعف الاهتمام بشكل أكبر مع بداية أحداث ثورات الربيع العربى، وصوبت دولة الاحتلال سلاح الإعلام الصهيونى في صدر مصر منذ 25 يناير 2011 مرورًا بصعود الإخوان إلى الحكم، وصولًا إلى ثورة 30 يونيو، كما أن الإعلام العبرى لم يكف -حتى اللحظة- عن بث سمومه وملاحقته للرئيس عبد الفتاح السيسي.


ثورة يناير
ولعبت إسرائيل حيال مصر على كل الحبال، في البداية لم تكن إسرائيل تتوقع ما جرى في ثورة 25 يناير، وكتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن "مصر ليست تونس"،وأن مبارك قادر على السيطرة،والسلطات أصابعها على الزناد.

إسرائيل ترفض الديموقراطية
كما كتبت "معاريف" العبرية: إن مصر مبارك هي إحدى الكنوز الإستراتيجية المهمة، في إشارة إلى الدعم الجارف له، ومناهضة 25 يناير التي أطاحت به، ولكن في لمح البصر تحولت البوصلة الإسرائيلية للبحث عن خليفة لـ "مبارك"،وطرح المحلل الإسرائيلى "إيهود يعارى" اسم "محمد البرادعى" وريثًا لعرش مبارك، واحتفت الصحف الإسرائيلية بـ "البرادعى" ونشرت سيرته الذاتية، كما نشرت صحيفة معاريف يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 مقالا تحت عنوان "مصر تنتظر محمد البرادعي الآن وفورا".

وفى خط مناهض للديموقراطية في مصر، وكتب "جاي باخور"، تقريرا بموقع "جى بلانيت"- نشر أول فبراير 2011- أن "مبارك سيظل على كرسيه،لأن مصر يلزمها فرعون".

"شموئيل أمير"، المحلل الإسرائيلى، رأى أن أي نظام ديمقراطي لن يسمح بتلك السياسات التي انتهجها مبارك إزاء إسرائيل، ولن يقبل باتفاق سلام يسلب حقوق الفلسطينيين.

عصر الإخوان
كما تنبأ "مردخاى كيدار" في تقرير نشره بموقع "ميدان السبت" العبرى في فبراير 2011 بوصول الإخوان للحكم، وتحقيق أهدافهم، موضحًا أن ذلك سينتج عنه فتور في العلاقات مع كل من إسرائيل وأمريكا، لكن الضغوط الأمريكية، والتلويح بإمكانية تقديم المساعدات الاقتصادية للنظام، سيجعل الإخوان يتراجعون عن موقفهم إزاء الولايات المتحدة،وبالتالي إسرائيل.

وأكد المحلل السياسي "يوسي بيلين" في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" أن الإخوان سيضطرون للحفاظ على "اتفاقية السلام" مع إسرائيل إن سيطروا على مقاليد السلطة في مصر، وذلك للحصول على شرعية دولية لوجودهم.

ومن جانبه تمنى الكاتب اليساري "مطاي شتاينبرج" أن يسيطر الإخوان على السلطة في مصر، وقد رأى في مقال له بعنوان "السلام صار ممكنا" أنه في حال صعود الإخوان سيضطرون للحفاظ على السلام مع إسرائيل، وبالتالي إقناع حركة "حماس" بقبول أمور لم يكن أعضاء الحركة يقبلونها من نظام مبارك.

صعود الإخوان
وبالفعل تحققت نبوءة الإسرائيليين،ووصل الإخوان إلى سدة الحكم، وهاجم الإعلام الإسرائيلى وصول الإسلاميين للحكم في البداية، ولكن سرعان ما بدأ في "التطبيل" للمعزول "محمد مرسي"،وخاصة في أعقاب الدور الذي لعبه في ترويض "حماس" في غزة والوساطة في وقف إطلاق النار.

وكتبت "هاآرتس" حينها:"إسرائيل متعلقة بالإرادة الخيرة لمرسي الذي بقي الأمل الوحيد لإحراز اتفاق وقف إطلاق النار".

مرسي وإٍسرائيل
وفى المقابل كان "مرسي" صديقا مخلصا لإسرائيل، وهذا ما قاله في خطابه الذي أرسله إلى تل أبيب،أثناء تواجده في الحكم، حين تم اعتماد أوراق سفير مصر في إسرائيل، واستخدم "مرسي" في الخطاب عبارة "صديقي وعزيزي" وأنهى بتوقيع "صديقك المخلص محمد مرسي".

"تسيفى بارئيل" الصحفى الإسرائيلى قال حينها: "مرسي فاجأ الإسرائيليين بجهوده لتخفيف التوتر،وأصبح الآن زميلا، فهو صديقنا القريب الذي يذكرنا فجأة بمصر التي تعودنا عليها في عهد حسني مبارك، ولم يعد الكارثة التي وقعت على الشرق الأوسط وإسرائيل، ولم يعد يرمز إلى الشتاء الإسلامي أو إلى الديكتاتورية المخيفة".

دعم إسرائيل
وعلى مدى عام من حكم مرسي لم يتوقف عن دعم إسرائيل، وهذا ما دفع صحف الاحتلال للإعراب عن أسفها لسقوطه، وفور انهيار حكمه كتبت الصحف العبرية أسباب عدة تدفع إلى الحزن على رحيله، ومن بينها أنه لم يتصدى لعملية "عامود السحاب" التي أضرت بحركة حماس، وفى الوقت نفسه عجل بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الذي كشفت صحيفة "هاآرتس" بعد ذلك إنه كان مشروطا بأن تسمح مصر بتركيب أجهزة تنصت ومتابعة إلكترونية على طول الحدود بين مصر وإسرائيل.

ونظمت "الحركة الإسلامية" في "الجليل" بإسرائيل، مسيرة مؤيدة لمرسي، شارك فيها المئات من مؤيدى الحركة،ودعمها الإعلام الإسرائيلي الذي غضب على رحيله.

ثورة 30 يونيو
وبالطبع لم تكن ثورة 30 يونيو التي أسقطت جماعة الإخوان على هوى بنى صهيون، وبالتالى وجهت تل أبيب إعلامها لتشويهها، وظلت تصفها بأنها "انقلاب"، وأنها لا تتفق مع الديموقراطية بزعم أنها أسقطت رئيسًا منتخبًا.

وتحت عنوان "مصر في حالة نشوة ولم تفق بعد"، كتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «إن ملايين المصريين احتفلوا بإسقاط نظام الإخوان، لكن مصر ستعاني بعد ذلك ألمًا في رأسها، بعد أن تستفيق من نشوتها،وهل سيرد الإخوان على ما جرى بالعنف؟ ».

تشويه صورة السيسي
وفى إطار ما روجت له إسرائيل عبر حملة تهدف لتشويه صورة "السيسي" وزعزعة استقرار وأمن البلاد،هو أن ترشح السيسي يمثل عودة إلى الحكم العسكري، وقمع جماعة الإخوان كما حدث في عهد عبدالناصر".

ووصف الإعلام الصهيونى ما يجري في الشارع المصري من حملات مثل "كمل جميلك" ومطالبات شعبية لترشح السيسي بأنها محاولات لإظهار أن الشعب هو الذي أجبره على تولى الرئاسة، في حين أن الترشح لمنصب الرئيس كان من أولوياته منذ البداية.

الانتخابات البرلمانية
وزعم المحلل الإسرائيلى للشئون العربية بصحيفة "هاآرتس" (تسيفى بارئيل) أن السيسي سيتحكم في مسار الانتخابات البرلمانية ونتائجها، على الرغم من أن الدستور يولي الرئيس بصلاحيات أقل ممن سبقوه، سواء مبارك أو السادات.

أما المحلل الإسرائيلي "جاكي خوجي" المعروف بقربه من الموساد الإسرائيلي، فقد شن هجومه على الرئيس، قائلًا:" إن الشعب المصري يشعر بأن "السيسي" يذكرهم بـ "جمال عبد الناصر"، لكنهم يتناسون أنه هو الذي قدم نفسه في هذه الصورة وبموهبة كبيرة".

السيسي أطاح بطنطاوى
وادعى "خوجي" في مقال نشره موقع "ذا بوست" العبري، أن المشير "السيسي" هو الذي أطاح بـ "طنطاوي" ولكن بطريقة ناعمة، موضحًا أنه قام بالإشارة إلى ذلك عبر إذاعة الجيش الإسرائيلي، فور الإطاحة بـ"طنطاوي"، وأكد أنه تم التعاون بين السيسي وضباط الجيش من الجيل الجديد على أن يحتل السيسي مكان طنطاوي ويشغل "صدقي صبحي" منصب "سامي عنان، معتبرًا أن ذلك كان انقلابًا عسكريًا هادئا.

وأكبر دعم قدمته إسرائيل للجماعة الإرهابية المارقة كان محاولة تشويه الرئيس السيسي، فقد خرج الكاتب الإسرائيلى "يوسف ديان" القريب من جهاز الموساد في أعقاب سقوط الإخوان ليؤكد أن "مصر" بها حالة من الفوضى التي تفتح الباب أمام أفكار جديدة، وإلى إعادة الأمور لنصابها،وعلى رأسها استعادة السيادة الإسرائيلية على شبه جزيرة سيناء.

طوق نجاة
وزعم الكاتب الإسرائيلى أنه يقدم طوق النجاة إلى " السيسي" بدلًا من حبل المشنقة -على حد زعمه- الملتف حول عنقه، موجهًا دعوة لـ"السيسي" للموافقة على احتلال سيناء بشكل ودى،حتى لا يكون مصيره مثل مبارك والسادات، وعليه أن يحدد قبل فوات الأوان مصدر الخطر الذي يحدق به وهو سيناء.

وأضاف "خوجي" أن سيناء أصبحت بالفعل خارجة عن السيادة المصرية، ومليئة بالبؤر الإرهابية التي يدعمها الجهاد العالمى الذي توحش داخل سيناء، وهذه البؤر أصبح لها نسيج قوي بسبب محدودية عمل الجيش المصرى بسيناء.

احتلال سيناء
ورأى الكاتب أنه يجب على "السيسي" أن يتصرف كما فعل الملك حسين ملك الأردن الراحل،عندما نفض يديه من الجزء الغربى من سهل الأردن، مخاطبًا السيسي قائلًا:"إنه لو أعلنت أنك لم تعد ترغب في سيناء التي لا تسيطر عليها من الأساس، على حد وصفه، فإن هناك جيشا آخر مستعد للقضاء على تلك البؤر الإرهابية،وهو جيش الاحتلال الإسرائيلى"،وبدلًا من أن تقوم بالتضحية بجنود مصريين آخرين كفريسة سهلة ليتم ذبحهم على صينية من ذهب،كما حدث الأسبوع الماضى".

وأضاف الكاتب: "إن الجيش الاسرائيلى متأهب أكثر من جيشك هذا، وسوف ترى أحذية مبعثرة على الكثبان الرملية من الجهاديين الذين فروا منا بعد أن تعود سيطرتنا على سيناء بدلًا من جنودك الذين يتم ذبحهم على الرمال".

نجاح الصفقة
ووجه الكاتب الإسرائيلى للفريق "السيسي"-وزير الدفاع آنذاك"- كلمة يضمن له فيها أنه بنجاح هذه الصفقة التي تعتمد على التنازل الكامل عن سيناء فستكون هناك ضمانات بعدم عبور القناة، ويمكن التوصل إلى اتفاق من شأنه استئناف إنتاج النفط وتأمين أنابيب الغاز، بالإضافة إلى التعاون بين الجانبين من أجل تنمية السياحة.

وبيّن الكاتب أنه من خلال الاحتلال الثالث لسيناء ستكون هناك استعدادات لاستعادة غزة أيضًا لكن دون سكان، على أن يتم تهجير سكانها إلى أفغانستان،جنبا إلى جنب مع الهاربين من سيناء، وسيحاولون جميعًا هناك إعادة بناء الأنسجة المدمرة لجماعة الإخوان.

تهجير سكان غزة والإخوان
واعتقد الكاتب الإسرائيلى "خوجي" أن هناك بلدين مهمين سيعارضان بقوة سيناريو تهجير سكان غزة والإخوان إلى "قطر" و"تركيا"، موهومًا بأن هناك دولتين أخريين ستقابل هذا السيناريو الذي يشمل احتلال سيناء بالتصفيق الحاد وهما الأردن والمملكة العربية السعودية، غير أن الأخيرة ستقدم أموالا من تحت الطاولة لـ"لسيسي"، وليس له فقط،بل ستدعم وتمول أيضًا إسرائيل لتنفيذ مخططها هذا، موضحًا أن السعوديين يعرفون مصالحهم جيدًا.

وبعد أن طرح الكاتب هذه المخططات والأحلام لم يتحدث الكاتب عن الأمور والمخاطر التي قد تلحق بإسرائيل إذا أقدمت على تنفيذ تلك الأوهام، وباءت محاولتها بالفشل أو اصطدمت بالرفض المطلق والحاسم من جانب النظام المصرى، سواءً كان مدنيا أو عسكريا، وتناسى الكاتب أن الجماعات الجهادية وعلى رأسها "حماس" و"الجهاد الإسلامى" لم تسمح مطلقًا للجيش الإسرائيلى بتحقيق انتصار حاسم عليها، وأكبر دليل على ذلك أن الأحذية التي يقول إنها ستكون مبعثرة فوق الرمال لم تكن سوى أحذية المستوطنين وجنود جيش الاحتلال في قطاع غزة،الذين لاذوا بالفرار من هناك،في إطار خطة فك الارتباط التي نفذها رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق أرئيل شارون.

حرب ضارية
ولم يكن هذا الطرح الوحيد لاحتلال سيناء، فالمحلل المتشدد "آفي فرحان" طالب الجيش الإسرائيلي،خلال حوار مع القناة السابعة، بضرورة العودة إلى سيناء، داعيا الجيش للاستعداد -بكامل قوته- لحرب ضارية مع "العدو".
واتفق معه محلل القناة ذاتها "عمنوئيل شيلاه"، في أن مصر ما بعد مبارك دخلت قائمة الدول التي يحتمل الدخول معها في اشتباك عسكري.

فيما شدد الخبير "عاموس هارئيل" بصحيفة هاآرتس أن تغيير النظام في مصر يستدعي حدوث تغيير في طريقة تعامل الجيش الإسرائيلي مع مصر.

الحيلة الصهيونية
واتجهت الحيلة الصهيونية بعد ذلك إلى تشويه نظام "السيسي" عن طريق الإدعاء بالتقرب منه، وبدأت التقارير الإسرائيلية تتحدث عن تعاون غير مسبوق بين الاحتلال والنظام، وذلك من أجل زعزعة الاستقرار في مصر.

وأفسد انتصار الشعب المصري في 30 يونيو، مخطط تقسيم مصر، الذي كانت ترعى تنفيذه جماعة الإخوان الإرهابية،وهو ما جعل المحللين والكتاب الإسرائيليين في حالة تخبط، لذلك لجأوا إلى آلة الإعلام الموجه من الغرب كوسيلة لمحاربة نجاح الثورة المصرية.
Advertisements
الجريدة الرسمية