رئيس التحرير
عصام كامل

ننشر تقرير مبعوث "الجامعة العربية" حول الوضع المتأزم في ليبيا


رفع الدكتور" ناصر القدوة" مبعوث الأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا تقريرا لوزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ، الذي يعقد اجتماعه بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية.


وقال التقرير إن الشعب الليبي أبعد ما يكون عن تحقيق أهداف الثورة في إنجاز المرحلة الانتقالية وبناء ليبيا الجديدة، متوقعا مزيدا من تدهور الأوضاع ومزيدا من المخاطر على الشعب الليبي، وعلى دول الجوار ومحيطها الإقليمي.

وقال القدوة في تقريره إن هناك حالة من الاستقطاب الحاد في الداخل الليبي أدى إلى بروز معسكرين متواجهين لكل منهما بعد عقائدي وسياسي وجهوي، وآخر قبلي، وأنه جرت عملية تكتيل عسكري وبشري ومؤسساتي في كلا المعسكرين وكأن هناك بلدين بالرغم من التداخل المؤسساتي.

ولفت إلى أن البرلمان حاول مستندا إلى الشرعية التي يتمتع بها أن ينقل بعض المؤسسات من العاصمة طرابلس وإعادة تشكيلها، فيما حاول المؤتمر الوطني الذي أعاد نفسه للعمل بالرغم من انتهاء صلاحياته إبقاء بعض المؤسسات في طرابلس، وتمت السيطرة على مقارها وسجلاتها، والأمر الذي أدى إلى أضعاف ما تبقى من مؤسسات الدولة، ووقوع إشكاليات حقيقية مالية وإدارية، قاتل إلى حد التوقف عمليا.

وبالرغم من ذلك يلفت إلى أن كلا المنكسرين يضم تحالفات هشة لا تقوم على أي أسس متينة، وأشار إلى أن اتساع رقعة المواجهات العسكرية وزيادة استخدام أسلحة جديدة بما في ذلك سلاح الطيران الأمر الذي ساهم في ازدياد مستوى التدمير للمؤسسات الحيوية والاقتصادية إضافة إلى زيادة عدد الضحايا وازدياد معاناة المواطنين، بما في ذلك التدهور العام في الظروف المعيشية، وزيادة النزوح واللجوء، مع استمرار تزايد تدفق السلاح إلى ليبيا.

وتحدث التقرير عن ظهور تحركات جديدة لدى بعض المسلحين بدا فيها إمعان في الدموية والقسوة المفرطة ومهاجمة المدنيين العزل بشكل مباشر، والتي تعد تصرفات غريبة على التقاليد والعادات الاجتماعية والنفسية الليبية بل ومناهضة لها، الأمر الذي تسبب في تعميق الجراح وزيادة الرغبة في الانتقام الأمر الذي يدخل ليبيا حلقة مفرغة من العنف والعنف المضاد بصورة مفرطة.

وأكد التقرير أنه ونتيجة هذه التطورات السابقة فقد ازداد نفوذ العسكريين بشكل عام في كلا المعسكرين وعمق تأثيرهما على القرار وهو ما يعقد الأمور بشكل أكبر ويجعل الحل السياسي أكثر صعوبة، هذا إضافة إلى زيادة أعداد الإرهابيين سواء من حيث المجموعات أو الأفراد، وزيادة أعمالهم الإرهابية وكذلك زيادة نفوذهم وسيطرتهم على بعض الأماكن سواء بشكل مستقل أو بالتحالف مع بعض الاتجاهات الأخرى.

وشدد التقرير على أن الوجود الإرهابي اكتسب شكلا واضحا في مدينة مثل درنة إلا أن تواجده اصبح ملموسا بشكل أكبر في عده مدن أخرى مثل سرت وصبراتة وفي منطقة الجنوب بشكل عام خاصة الجنوب الغربي الأمر الذي يزيد من حدة المخاطر على دول الجوار، وزيادة حماية هذه الدول ودول أخرى من مثل هذه المخاطر.

ويلفت التقرير إلى أن الحل السياسي ازداد صعوبة، خاصة بعد تطور الوضع وزيادته بشكل دراماتيكي حتى أصبح أكثر تعقيدا، مؤكدا أنه يجب أن يتم وبشكل عاجل الآن وقف هذا التدهور والذهاب إلى حل سياسي، وإلا فإن وجود الدولة الليبية والوطن سيكونان في خطر.

وفيما يتعلق بالتحركات الخارجية في ليبيا أشار التقرير إلى الجهود التي يقوم بها ممثل الأمين العام للامم المتحدة من أجل التوصل إلى جولة جديدة للحوار الوطني والتي بدأت أمس حولة جديدة في جنيف بعد حوار غدامس، والتي يجري دعمها من قبل الجامعة العربية آملين أن تكلل بالنجاح.

وأشار التقرير إلى جهود دول الجوار والتي استمرت في العمل والاجتماع الأخير في الخرطوم والذي عقد بمشاركة المبعوث العربي والأفريقي، والذي قام باعتماد بيان جديد وجرى الاتفاق على أن يكون الاجتماع القادم في تشاد.

وقال التقرير بأن غياب التوافق العربي على الدور المطلوب في ليبيا أدى إلى عمل مبعوث الجامعة العربية بوتيرة منخفضة بما في ذلك القيام باتصالات وحضور اجتماعات ولم تشهد أي تحركات جوهرية.

وحول الحل السياسي قال التقرير إنه أصبح الآن أكثر صعوبة، وإن كان الأمل قائما، مؤكدا أن الحل أصبح أكثر إلحاحا في الوقت الراهن كون البديل قاتما للغاية بالنسبة لليبيا ودول المنطقة.

وتحدث التقرير عن عدة أمور لابد من القيام بها بما يسهل الحل في ليبيا، وتتمثل في عدة أمور من بينها: دعم البرلمان الليبي المنتخب والذي يشكل أهمية كبرى، وفقا للتقرير، ليس احتراما للشرعية الانتخابية والعملية الديمقراطية، لكن أيضـا للحفاظ على قاعدة أساسية لوجود الدولة، مؤكدا أن الإخلال بالبرلمان والحكومة المنبثقة عنه دون وجود أي جهة يتوافر فيها قدر معقول من الشرعية سيتسبب في فراغ قاتل لن يملأه إلا مزيد من الفوضى وحتى الإرهاب.

وأكد التقرير أنه ووفقا لذلك فلابد من التمسك بالبرلمان مع كل الاحترام للمحكمة العليا وقراراتها الذي يجب أن يبقى أيضا أحد الثوابت الدائمة، بل ولابد أن يكون مفهوما أن التمسك بالبرلمان هو نقطة البداية وليس نقطة النهاية، وأن التطور الضروري بشكل مطلق هو الحوار الوطني الشامل الذي يجب أن يقرر الليبيون من خلاله سمات المرحلة الانتقالية وتفاصيل الحل السياسي.

ويؤكد التقرير أن عزل المجموعات الإرهابية وإخراجها من العملية السياسية وضرورة مواجهتها بأشكال مختلفة، مع وجوب وقف أي تعاون وعمل مشترك بين هذه المجموعات والاتجاهات الإسلامية السياسية.

وشدد على ضرورة العمل على وقف تدفق السلاح إلى ليبيا بشكل كامل وحقيقي، وهو ما يعد خطوة تشكل مقدمة للحل السياسي، إضافة إلى أنها تشمل التزاما لابد منه.

وأكد التقرير ضرورة تحمل الجامعة العربية ودولها مسئولياتها الكاملة تجاه ليبيا وإنهاء أزمتها وإيجاد الحل السياسي اللازم، لافتا إلى الاستعداد لتقديم عمل جاد وعملي لليبيا بما في ذلك مجال إعادة بناء الحيش والشرطة في وقت لاحق وبشرط التوافق الليبي على هذا الدعم.

ويتحدث التقرير أنه يجب اتخاذ ثلاث ركائز أساسية من قبل دول الجامعة للمقاربة السياسية، الأولى وضع رؤية متكاملة يمكن أن تأخذ شكل مبادرة عربية حول ليبيا بما يعكس مواقف الأطراف الليبية، والثانية تتمثل في ضرورة تنظيم حوار شامل من خلال مؤتمر للحوار تؤكد تركيبته على شرعية البرلمان، أما الركيزة الثالثة فتتمثل في الوجود الدولي بصورة أعم وأوسع من الوجود السابق للأمم المتحدة.

واختتم التقرير بتأكيد موقف ممثل الأمين العام على أن الحل السياسي هو الأساس في الوضع الراهن، وأن الليبيين بحاجة إلى مزيد من الوقت والحوار لتوفر التحرك والتوافق اللازم.
الجريدة الرسمية