رئيس التحرير
عصام كامل

لحظة اعتزال ناشط سياسي في السبعين


دعوة أطلقها خالصةً لوجه الله والوطن، وحرصًا على البقية الباقية من احترام وتبجيل لرموز "كانوا" نجومًا في سماء حياتنا السياسية.
أتحدث عن عواجيز المشهد، أصحاب الحضور السياسي المخيب للآمال.. أئمة السلفية السياسية بكل ماتعنيه الكلمة.. أولئك الذين تجاوزهم الزمن وهم في غفلة عن تلك الحقيقة، فتأتى أحكامهم كما لوكانت صادرة من الناطق الرسمى باسم أهل الكهف.


شاهدنا وسمعنا من خرج بعد أيام من الانتهاء من دستور لجنة الخمسين الأخير وهو يقول دخلنا للعشاء وبعد أن تناولنا الطعام اكتشفنا تغييرًا في الدستور.. وشاهدنا وسمعنا من وقف يدعو المواطنين للاستفتاء فدعاهم للاستمناء!.

لن أعلِّق، ولن أسمِّى أحدًا من باب الاحترام والتقدير الواجبين.. فقط اكتفى بالنصح.. غادِروا منصة السياسة، وامتطوا صهوة جواد الغرام.. لديكم فرصة ذهبية مع وجود الفياجرا التي أنعَشَت آمالًا كانت قاب قوسين أو أدنى من مثواها الأخير، وأحيَت ماكان رميمًا!.

مارأيكم دام فضلكم، لو اقتفيتُم أثر ذلك الرجل الذي كان ناشطًا سياسيًا مثلكم، وفى لحظة شفافية فارقة قرر الإقلاع عن تعاطى السياسة، وغير نشاطه، واقتحم عالم الهيام والغرام، وسجل اللحظة التاريخية العظيمة في القصيدة التالية:

(منين ابتدى/وانا حاسس انى مانيش "أول ريدى"/ فاكر لما كنا زمان في صبانا /زمان البراءة زمان التَرَف / وتيجى تقول لى بنُبْل وشرف/ باحب فلانة / وترجونى ألبس مسوح الكهانة/ وتركَع قصادى تقول ياأبانا/ جاى اعترف / وامَلِّس على شعرك اللى اتنحَل بطيبة وحب/ وانشد ساعتها قصيدة غزل/ واقول لك بفرحة تحوش الخجل/ تكلَّم ياكلب/ لأنى باحب ومحتاج لقلب/ يساع اللى عندى / وعندى الكتير وقلبك كبير/ أنا ياصديقى في حرب وحب/ تصَوَّر..أخوك العجوز العجوز/ بعمرُه اللى عَدَّى وقلبه اللى صَدَّى / ظهر له عواطف/ بيقدر يحب ويعرف يلاطف / تصور بإنى ضميرى ظبطنى في مرة باغَنِّى؟! / وقال إيه باغنى أغانى الغرام! / وعِرْفِت شفايفى طريق الابتسام / وباخُد خيالى في حضنى وانام/ تَصَوَّر بإنى حضَنْت المدام؟؟! / نسيت من ذهولى وحَضَنْت المدام /برغم الكراهة وطولها ومداها / نسيت التاريخ والحروب والصدام).

هذه القصيدة الرائعة عثرت عليها بين أوراقى وكراكيبى، ومن الواضح بحس مدمنى الشعر أنها لم تكتمل.. لكنى أزحت الصدأ عن ذاكرتى، واستدعيت لقائى بمبدعها عقب ندوة وأمسية شعرية بنقابة الصحفيين منذ أكثر من عشر سنوات.. اسمه بهى الدين عبداللطيف.. وقتها كان على مشارف السبعين.. سمعت منه عدة قصائد هي الروعة بعينها.. عزة نفسه أبت أن يطلب طباعة أعماله، وهو بالمناسبة رجل "حرفى" أظنه مبلط قيشانى أو سيراميك أو ما شابه.. اجتهدت لمعرفة "سِكّة" التفرغ في وزارة الثقافة أو صندوق التنمية الثقافية لكنى فشلت.. عم بهى كان من حقه علينا أن نرعاه وبالمناسبة مصر "مليانة" عم بهى وأحسن من عم بهى.. لكن ماذا تقول للحظ اللى يخلِّى الأعمى ساعاتى والمكسح عجلاتى والكفيف قناص والهجاص قاص وحامل المباخر شاعر!.

أجدد الدعوة لعواجيز المشهد السياسي.. غادروا منصة السياسة.. سيروا على درب عم بهىيّ.. وانسوا الكراهة وطولها ومداها.. انسوا التاريخ والحروب والصدام.. واحضنوا المدام.
الجريدة الرسمية
عاجل